ابن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال:"لما قربنا من المشركين أمرنا أبو بكر -رضي الله عنه- فشننا الغارة عليهم، فنفلني أبو بكر -رضي الله عنه- امرأةً من فزارة أتيت بها من الغارة، فقدمت بها المدينة، فاستوهبها مني رسول الله -عليه السلام- فوهبتها له، فبعث بها رسول الله -عليه السلام- ففادى بها أناسًا من المسلمين".
فكان من الحجة للآخرين عليهم: أنه لم يذكر في ذلك الحديث أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان نفل سلمة قبل انقطاع الحرب أو بعد انقطاعها، فلا حجة في ذلك.
ش: أي احتج أهل المقالة الأولى أيضًا فيما ذهبوا إليه بحديث سلمة بن الأكوع؛ فإنه ذكر فيه أن أبا بكر -رضي الله عنه- نفله امرأةً من السبي، فهذا يدل على جواز التنفيل بعد الفراغ من قتال العدو وبعد إحراز الغنيمة.
وأخرجه الطحاوي في الباب الأول من كتاب السير بعين هذا الإسناد مقتصرًا على حكم شنِّ الغارة، وأخرج ها هنا طرفًا منه.
وأخرجه مسلم بتمامه (١)، وقد ذكرناه هناك.
قوله:"فشننا الغارة"، أي فرقنا عليهم من جميع جهاتهم، والغارة اسم من الإغارة.
قوله:"ففادى بها أناسًا" من المفاداة، قال الجوهري: يقال: فداه وفاداه: إذا أعطى فداءه وأنقذه.
وقال ابن الأثير: الفِدَاء -بالكسر والمد والفتح مع القصر-: فكاك الأسير، يقال: فداه يفديه، فداء وفدى، وفاداه يفاديه مفاداة: إذا أعطى فداءه وأنقذه وفداه بنفسه.
قلت: يقال: فداه: إذا أعطى المال وخلص الأسير، وأفداه: إذا دفع الأسير وأخذ المال، وفاداه: إذا أعطى الأسير وأخذ عوضه الأسير.