للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمعوا أن ذلك قد انتسخ بقوله تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (١) فإنه نسخ أن يرد أحد من أهل الإِسلام إلى الكفار، فإذا كان كذلك سقط الاحتجاج بالأحاديث المذكورة على جواز الفداء المذكور.

ثم إذا ثبت النسخ وثبت أن لا يرد إلى الكفار من جاءنا منهم، وثبت أن الذمة تحرم ما يحرم الإِسلام من دماء أهلها وأموالهم، وثبت أنه يجب علينا منع أهل الذمة من النقض والرجوع إلى دار الحرب، وثبت أن من أصابه المسلمون منهم يملكونه فيصير بملكهم إياه ذمة لهم، يجب بالنظر على ذلك أن تحرم المفاداة بالحربي الذي أسروه وصار ذمةً لهم ووقع ملكهم علية؛ لأن فيه نقضًا للذمة وردًّا إلى أيدي المشركين، والله أعلم.

ص: فمما بيَّن أن ذلك كذلك: أن محمد بن خزيمة حدثنا، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: "أَسَرَت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأسر أصحاب رسول الله -عليه السلام- رجلاً من بني عامر بن صعصعة، فَمُرَّ به على النبي -عليه السلام- وهو موثق، فأقبل إليه رسول الله -عليه السلام- فقال: عَلَام أحبس؟ قال: بجريرة حلفائك، ثم مضى رسول الله -عليه السلام- فناداه، فأقبل إليه، فقال له الأسير: إني مسلم، فقال رسول الله -عليه السلام-: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح، ثم مضى رسول الله -عليه السلام- فناداه أيضًا، فأقبل، فقال: إني جائع فأطعمني، فقال النبي -عليه السلام-: هذه حاجتك، ثم إن النبي -عليه السلام- فداه بالرجلين اللذين كانت ثقيف أسرتهما".

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أي المهلب، عن عمران بن الحصين قال: "كانت العضباء لرجل من عقيل أُسر فأُخذت العضباء منه، فأتى عليه رسول الله -عليه السلام-، فقال: يا محمد، عَلامَ تأخذوني


(١) سورة الممتحنة، آية: [١٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>