للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: أن صاحبه أحق به بالثمن الذي حسب عليه على من أخذه، وكذلك إن بيع ثم قسم ثمنه فهو أحق به بالثمن، وهذا قول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي ومالك، إلا أن المحكي عن مالك وأبي حنيفة أن يأخذه بالقيمة، ويروى عن مجاهد مثله.

والرواية الثانية: عن أحمد أنه إذا قسم فلا حق له بحال، نصّ عليه في رواية أبي داود وغيره، وهو قول عمر وعلي وسليمان بن ربيعة وعطاء والنخعي والليث.

قال أحمد: أما قول من قال: أحق به بالقيمة، فهو قول ضعيف عن مجاهد.

وقال الشافعي: يأخذه صاحبه قبل القسمة وبعدها، ويُعْطَى مشتريه ثمنه من خمس المصالح، وهذا قول ابن المنذر. ص: وكان من الحجة لهم في الحديث الأول: أن قول النبي -عليه السلام-: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك" إنما كان قبل أن تملك المرأة الناقة؛ لأنها قالت ذلك وهي في دار الحرب، وكل الناس يقول: إن من أخذ شيئًا من أهل الحرب فلم ينجو به إلى دار الإِسلام أنه غير محرز له وغير مالك، وأن ملكه لا يقطع عليه حتى يخرج به إلى دار الإِسلام، فإذا فعل ذلك فقد غنمه وملكه؛ فلهذا قال النبي -عليه السلام- في شأن المرأة ما قال؛ لأنها نذرت قبل أن تملكها لئن الله -عز وجل- نجَّاها عليها لتنحرنها، فقال لها رسول الله -عليه السلام-: "لا نذر لابن آدم فيما لا يملك؛ لأن نذرها ذلك كان منها قبل أن تملكها. فهذا وجه هذا الحديث، وليس فيه دليل على أن المشركين قد كانوا ملكوها على النبي -عليه السلام- بأخذهم إياها منه أم لا؟ ولا على أن أهل الحرب يملكون بما أوجفوا من أموال المسلمين أيضًا أم لا؟ والذي فيه الدليل على ذلك ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة الطائي: "أن رجلاً أصاب له العدو بعيرًا، فاشتراه رجل منهم فجاء به فعرفه صاحبه فخاصمه إلى رسول الله -عليه السلام-، فقال: إن شئت أعطيت عنه الذي اشترى به فهو لك، وإلا فهو له".

<<  <  ج: ص:  >  >>