للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: عن بحر بن نصر الخولاني، عن شعيب بن الليث عن أبيه الليث بن سعد، عن الحارث بن يعقوب. . . إلى آخره.

ص: فإن قال قائل: فقد رويتم عن علي -رضي الله عنه- في هذا الفصل عن النبي -عليه السلام- أنه أباح لحوم الأضاحي بعدما قد كان نهى عنه ثم رويتم عنه -في الفصل الذي قبل ذلك الفصل- أنه خطب الناس، وعثمان -رضي الله عنه- محصور فقال: لا تأكلوا من لحوم أضاحيكم بعد ثلاثة أيام، وإن رسول الله -عليه السلام- كان يأمر بذلك، فقد دل ذلك على أن رسول الله -عليه السلام- قد كان نهى عن ذلك بعدما قد أباحه حتى تتفق معاني ما رويتموه عن علي -رضي الله عنه- مِنْ هذا.

قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت؛ لأنه قد يجوز أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان نهى عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام؛ لشدة كان الناس فيها ثم ارتفعت تلك الشدة فاباح لهم لذلك، ثم عاد ذلك في وقت ما خطب علي -رضي الله عنه- بالناس فأمرهم بما كان رسول الله -عليه السلام- أمر به في مثل ذلك والدليل على ما ذكرنا من هذا:

أن ابن مرزوق حدثنا قال: ثنا أبو حذيفة قال: ثنا سفيان، ثنا عبد الرحمن بن عابس، عن أبيه قال: "دخلت على عائشة -رضي الله عنها- فقلت: يا أم المؤمنين أَحَرَّم رسول الله -عليه السلام- أن تؤكل لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام؟ فقالت: إنما فعل ذلك في عام جاع الناس فيه، فأراد أن يطعم الغني الفقير قالت: ولقد كنا نرفع الكراع خمس عشرة ليلة".

فدل هذا الحديث أن ذلك النهي إنما كان من رسول الله -عليه السلام- للعارض المذكور في هذا الحديث، فلما ارتفع ذلك العارض أباح لهم رسول الله -عليه السلام- ما قد كان حظره عليهم على ما ذكرناه في الآثار الأُول التي في الفصل الذي قبل هذا فكذلك ما فعله علي -رضي الله عنه- في زمن عثمان -رضي الله عنه- وأمر به الناس بعد علمه بإباحة رسول الله -عليه السلام- ما قد نهاهم هو عنه إنما كان ذلك منه -عندنا والله أعلم- لضيق كانوا فيه مثل ما كانوا في زمن رسول الله -عليه السلام- في الوقت الذي نهاهم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام فأمرهم في أيامهم بمثل ما كان رسول الله -عليه السلام- أمر به الناس في مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>