للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: تقرير السؤال: أن يقال: قد رويتم في هذا الباب حديثين عن علي -رضي الله عنه-:

الأول: رويتم ها هنا عنه عن النبي -عليه السلام- أنه أباح لحوم الأضاحي فوق الثلاث بعدما كان نهى عنه، ورويتم قبل هذا في أول الباب أنه خطب الناس حين كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- محصورًا، وقال: "لا تأكلوا من لحوم أضاحيكم بعد ثلاثة أيام"، وقال: "إن رسول الله -عليه السلام- كان يأمر بذلك".

وبين الحديثين تعارض ودفعه واجب مهما أمكن، وقد أمكن ها هنا، بأن يكون ما كان نهى عنه رسول - صلى الله عليه وسلم - إنما كان بعدما قد أباحه فبهذا يرتفع التضاد ويتفق معنى الحديثين ويثبت المدعى وهو أن الأكل من لحوم الأضاحي فوق الثلاث ممنوع.

وتقرير الجواب: أن يقال: لا نسلم ما ذكرتم؛ لأنه قد يجوز أن يكون نهيه -عليه السلام- عن ذلك فيما فوق الثلاث إنما كان لأجل شدة كان الناس فيها ثم لما ارتفعت الشدة أباح لهم ذلك لحصول السعة للناس ثم لما عادت الشدة في الوقت الذي خطب فيه عليٌّ -رضي الله عنه- وهو الوقت الذي كان عثمان -رضي الله عنه- محصورًا فيه أمر علي -رضي الله عنه- الناس بما كان أمر به النبي -عليه السلام- في الوقت الذي كانت فيه الشدة لأجل أن يطعم الغني الفقير ويواسي به إياه فلما ارتفعت الشدة عادت الإباحة أيضًا والدليل على ذلك ما روي عن عائشة -رضي الله عنها-.

أخرجه بإسناد صحيح: عن إبراهيم بن مرزوق عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي شيخ البخاري عن سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن عابس النخعي الكوفي عن أبيه عابس بن ربيعة النخعي الكوفي عن أم المؤمنين عائشة.

وأخرجه البخاري (١): من حديث الثوري. . . إلى آخره بأتم منه، وقد ذكرناه فيما مضى.


(١) "صحيح البخاري" (٥/ ٢٠٦٨ رقم ٥١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>