فإنها صرحت في حديثها بعلة النهي حيث قالت:"إنما فعل ذلك في عام جاع الناس فيه؛ فأراد أن يطعم الغني الفقير" فدل الحديث أن النهي منه -عليه السلام- إنما كان لأجل هذا العارض فلما ارتفع هذا العارض -الذي هو علة النهي- ارتفع حكم النهي وهو المنع عن تناول لحوم الأضاحي فيما فوق الثلاث، وعادت الإباحة.
قوله:"أحرم" الهمزة فيه للاستفهام.
قوله:"كنا نرفع الكراع" قال الجوهري: الكراع في الغنم والبقر بمنزلة الوظيف في الفرس والبعير وهو مستدق الساق يُذكَّر ويؤنث، والجمع أكرع ثم أكارع.
ص: وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -عليه السلام- إنما كان نهى عن ذلك؛ لأجل دافة دفت عليهم.
حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا عثمان بن عمر قال: أنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة قالت:"دفت ناس من أهل البادية حضرة الأضحى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ادخروا الثلاث وتصدقوا بما بقي، قالت: فلما كانت بعد قلت: يا رسول الله قد كان الناس ينتفعون بضحاياهم يجملون منها الودك، ويتخذون منها الأسقية، قال: وما ذاك؟ قلت: نهيت عن إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث، قال: إنا كنت نهيتكم للدافة التي دفت فكلوا وتصدقوا وتزودوا".
حدثنا يونس قال: أنا ابن وهب أن مالكَّاَ حدثه. . . بإسناد مثله.
فأخبرت عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -عليه السلام- لم يكن حَرَمَها ولكنه أراد التوسعة على الدافة التي دفت عليهم، فقد عاد معنى هذا الحديث إلى معنى حديث عابس عن عائشة -رضي الله عنها-.
ش: ذكر هذا شاهدًا لما ذكره من أن نهيه -عليه السلام- عن أكل لحوم الأضاحي فيما فوق الثلاث إنما كان لأجل عارض فلما ارتفع العارض ارتفع النهي، وذلك لأن عائشة -رضي الله عنها- قد أخبرت في هذا الحديث أنه -عليه السلام- لم يكن حرم لحوم الأضاحي بعد ثلاث وإنما نهى عنه لأجل التوسعة على الدافة التي دفت عليهم، فقد صار معنى حديثي عائشة سواء.