للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اختلفوا في تفسير الخلوص بعد أن اتفقوا أنه يعتبر الخلوص بالتحريك وهو أن يكون بحال لو حرك طرف منه يتحرك الطرف الآخر فهو مما يخلص، وإلَّا فهو مما لا يخلص.

واختلفوا في صفة التحريك، فعن أبي يوسف، عن أبي حنيفة أنه يعتبر التحريك بالاغتسال في غير عنف، وعن محمَّد أنه يعتبر بالوضوء، وروي أنه باليد من غير اغتسال ولا وضوء.

وأما اختلافهم في تفسير الخلوص فعن أبي حفص الكبير أنه اعتبره بالصبغ، وعن ابن أخي محمَّد بن سلام أنه اعتبره بالتكدير، وعن أبي سليمان الجوزجاني أنه اعتبره بالمساحة وقال: إن كان عشرا في عشر فهو مما لا يخلص، وإنْ كان دونه فهو مما يخلص.

وعن ابن المبارك أنه اعتبره بالعشرة أولا ثم بخمسة عشر، وإليه ذهب أبو مطيع البلخي فقال: إن كان خمسة عشر في خمسة عشر أرجو أن يجوز [١/ ق ٨ - أ] وإنْ كان عشرين في عشرين لا أجد في قلبي شيئًا. وعن محمَّد أنه قدّره بمسجده وكان ثمانيا في ثمان، وبه أخذ محمَّد بن مسلمة، وقيل: كان مسجده عشرا في عشر، وقيل: كان داخله ثمانيا في ثمان وخارجه عشرا في عشر، وعن الكرخي لا عبرة للتقدير وإنما المعتبر هو التحري، فإن كان أكثر رأيه أن النجاسة خلصت إلى الموضع الذي يتوضأ منه لا يجوز، وإنْ كان أكثر رأيه أنَّهَا لم تصل إليه يجوز. فإن قلت: نصب المقدّرات بالرأي لا يجوز.

قلت: حديث بئر بضاعة يصلح أن يكون مستندا لتقديرهم الماء الكثير بالعشر في العشر وذلك لأن محمدا قدّره بمسجده وكان ثمانيا في ثمان على ما مرّ وكان وسع بئر بضاعة ثمانيا في ثمان على ما قيل، ولكن قال أبو داود: قدّرتُ بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه هل غُيّر بناؤها عما كان عليه؟ فقال: لا. ورأيت الماء فيها متغير اللون. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>