للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتل عشرة بما ورد من الأدلة إذ النبي -عليه السلام- إنما يخبر عما وصل إليه من العلم عن الباري سبحانه وتعالى، وهو يمحو ما يشاء ويثبت، وينسخ ويقرر، وقد ثبت عن النبي -عليه السلام- أنه قال: "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" وهو صريح المذهب.

وقال أبو عمر: أجمعوا على أن سورة الأنعام مكية إلا قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ. . .} (١) الثلاث آيات، وأجمعوا أن نهي رسول الله -عليه السلام- عن أكل كل ذي ناب من السباع إنما كان منه بالمدينة، ولم يرو ذلك غير أبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني وإسلامها متأخر بعد الهجرة إلى المدينة بأعوام، وقد روي عن ابن عباس عن النبي -عليه السلام- مثل رواية أبي هريرة وأبي ثعلبة من وجه صالح، قال إسماعيل ابن إسحاق القاضي: وهذا كله يدل على أنه أمر كان بالمدينة بعد نزول قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا. . .} (٢) لأن ذلك مكي.

قال أبو عمر: اختلف العلماء في معنى قوله -عليه السلام- "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" فقال الشافعي ومن تبعه والليث بن سعد: إنما أراد -عليه السلام- بقوله هذا: ما كان يعدو على الناس، مثل الأسد والذئب والنمر والكلب العادي، وما أشبه ذلك مما الأغلب من طبعه أن يعدو، وما كان الأغلب من طبعه ألا يعدو فليس مما عناه -عليه السلام- بقوله هذا، وإذا لم يكن من طبعه أن يعدو فلا بأس بأكله كالثعلب والضبع.

وقال مالك وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه: لا يؤكل شيء من سباع الوحشي كلها ولا الهر الوحشي ولا الأهلي؛ لأنه سبع، قالوا: ولا يؤكل الضبع، ولا الثعلب.

وزاد ابن عبد الحكم في حكايته عن مالك قال: وكل ما يفترس ويأكل اللحم ولا يرعى الكلأ فهو سبع لا يؤكل، هذا هو المشهور عن مالك، وقد روي عنه: أنه لا بأس بأكل الثعلب والوبر، وقال أبو يوسف: أما الوبر فلا أحفظ فيه شيئًا عن


(١) سورة الأنعام، آية: [١٥١].
(٢) سورة الأنعام، آية: [١٤٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>