للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أراد بالقوم هؤلاء: عامرا الشعبي وعبد الله بن المبارك والشافعي ومالكًا وإسحاق بن راهويه وأحمد -في رواية- فإنهم خالفوا القولين المذكورين، أعني قول أهل المقالة الأولى وقول أهل المقالة الثانية، وقالوا بكراهة استقبال القبلة في الصحراء [بالبول] (١) والغائط وبعدم كراهيته في البيوت والبنيان، وروي ذلك أيضًا عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - وإليه مال الطحاوي على ما يفهم من كلامه وترتيب أقوال أصحاب هذه المقالات.

قوله: "فقالوا: بل نقول. . . ." إلى آخره الباب كله ظاهر، وملخصه أن هذه الأحاديث التي رويت في هذا الباب في الفصلين المذكورين كلها محكمة، وليس فيها ناسخ ولا منسوخ.

وأما حكمها أن نجعل ما فيه النهي منها محمولا على الصحاري، وما فيه الإباحة منها على البيوت والبنيان، وبهذا تتوافق الآثار ويرتفع الخلاف، والدليل على صحة ما ذكرنا قول عامر الشعبي: "أما حديث أبي هريرة فعلى الصحاري. . . ." إلى آخره وإلى هذا ذهب مالك بن أنس في التوفيق بين الأحاديث المذكورة.

وقال أبو عمر (٢): الصحيح عندنا الذي ذهب إليه مالك وأصحابه والشافعي؛ لأن في ذلك استعمال السنن على وجوهها الممكنة فيها دون رد شيء ثابت منها.

وقال أبو عمر أيضًا (٣): أما ما روي عن ابن عمر فنحمله عندنا على أن ذلك في البيوت، وقد بان ذلك برواية مروان بن الأصفر وغيره عن ابن عمر.

وأما حديث جابر فليس بصحيح فيعرج عليه؛ لأن أبان بن صالح الذي يرويه ضعيف، وقد رواه ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أبي قتادة، عن النبي -عليه السلام- على خلاف رواية أبان بن صالح، عن مجاهد، عن جابر، وهو


(١) في "الأصل، ك": "كالبول".
(٢) "التمهيد" (١/ ٣١٢).
(٣) "التمهيد" (١/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>