للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة، فلما كان بعد ذلك أُتي رسول الله -عليه السلام- بحلل سيراء فبعث إلي عمر بحلة، وإلي أسامة بحلة، وأعطى عليَّا حلة فأمره أن يشقها خمرًا بين نسائه، قال: وراح أسامة بحلته، فنظر إليه رسول الله -عليه السلام- نظرًا عرف أنه كره ما صنع، فقال: إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خُمرًا بين نسائك".

حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا حامد بن يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر قال: "أبصر رسول الله -عليه السلام- حلة سيراء على عطارد، فكرهها له ونهاه عنها، ثم إنه كَسَى عمر - رضي الله عنه - مثلها، فقال: يا رسول الله، قلت في حلة عطارد ما قلت، وتكسوني هذه؟ فقال: إني لم أكسكها لِتَلْبَسَهَا إنما أعطيتكها لِتُلْبِسَهَا النساء".

فأخبر ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي -عليه السلام- في هذا الحديث أن قوله: "إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له" إنما قصد به الرجال دون النساء.

ش: أي قد روي في حكم لبس الحرير عن عبد الله بن عمر، عن النبي -عليه السلام- خلاف ما روي عنه من تعميم كراهة الحرير في حق الرجال والنساء جميعًا، بيان ذلك: أن ابن عمر - رضي الله عنهما - قد روي عنه أيضًا ما يدل على أنه -عليه السلام- قصد من قوله: "من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" الرجال دون النساء، وهذا خلاف ما روي عنه من تعميم ذلك، الذي احتج به من يذهب إلى عموم التحريم في حق الرجال والنساء جميعًا، والأخذ بهذه الرواية التي فيها تخصيص التحريم بالرجال أولى؛ لموافقتها الأحاديث القاصرة للتحريم على الرجال دون النساء.

وأخرج هذه الرواية من طريقين صحيحين:

الأول: عن يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق، كلاهما عن وهب بن جرير، عن أبيه جرير بن حازم، عن نافع، عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>