ص: فقد رويت هذه الآثار عن رسول الله -عليه السلام- في النهي عن التختم بالذهب، منها حديث البراء الذي قد ذكرناه فيها، وهو أصح وأثبت مما رويناه عنه في الإباحة، فاحتمل أن يكون ما ذهب إليه أحد الفريقين عن رسول الله -عليه السلام- ناسخًا لما قد رواه الفريق الآخر.
فنظرنا في ذلك فإذا ابن أبي داود حدثنا، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن عبيد الله، قال: حدثني نافع عن عبد الله: "أن رسول -عليه السلام- اتخذ خاتما من ذهب وجعل فصه مما يلي كفه، فاتخذه الناس، فرمى به واتخذ خاتما من ورق أو فضة".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي -عليه السلام- مثله.
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا القعنبي، قال: قرأت على مالك بن أنس، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر:"أن رسول الله -عليه السلام- كان يلبس خاتمًا من ذهب، ثم قام فنبذه، وقال: لا ألبسه أبدًا، فنبذ الناس خواتيمهم".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن المغيرة بن زياد أنه حدثه، قال: حدثني نافع، عن ابن عمر:"أن النبي -عليه السلام- اتخذ خاتما من ذهب، فاتخذ أصحابه خواتيم من ذهب، ثم رمى به واتخذ خاتما من ورق، وكتب فيه: محمَّد رسول الله".
حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا عبد الواحد بن غياث، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -عليه السلام- مثله.
فثبت بهذه الآثار أن خواتم الذهب قد كان لبسها مباحا ثم نهى عنه بعد ذلك. فثبت أن ما فيه تحريم لبسها، هو الناسخ لما فيه إباحة لبسها.
فهذا هو وجه هذا الباب من طريق الآثار.
ش: أراد بهذه الآثار: الأحاديث التي أخرجها عن ثمان أنفس من الصحابة الدالة على تحريم خاتم الذهب للرجال.