للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاتكاء مأخوذ من الوكاء وزنه الافتعال منه، والمتكئ هو الذي أوكأ مقعدته و [شدها (١)] بالقعود على الوطاء الذي تحته، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متكئًا على الأوطئة والوسائد فعل من يريد أن يستكثر الأطعمة ويتوسع من الألوان، ولكن آكل علقة وآخذ من الطعام بلغة، فيكون قعودي مستوفزًا له، وروي: "أنه -عليه السلام- كان يأكل مُقعِيا ويقول: أنا عبد آكل كما يأكل العبد".

قلت: فيما اختاره الخطابي من المعنى نظر؛ لأن معنى الاتكاء في اللغة ينافيه؛ لأن معناه: الاعتماد على الشيء.

قال الجوهري: اتكأ على الشيء فهو متكئ، والموضع متكأ وأوكأت فلانا إيكاءً إذا نصبت له متكأ، ومادته: واو، وكاف، وهمزة.

قوله: "فليس ذلك من طريق التحريم منه عليهم" أي فليس قوله -عليه السلام-: "أما أنا فلا آكل متكئا" على التحريم من النبي -عليه السلام- على أمته.

قوله: "أن يأكلوا كذلك" أي بأن يأكلوا متكئين، ولكن لأجل معنى حاصل في الأكل متكئًا خافه عليهم أي خاف النبي -عليه السلام- ذلك المعنى على أمته، وبين ذلك بقوله: حدثنا ابن أبي عمران -وهو بن موسى الفقيه- يروي عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني شيخ أبي داود، عن جرير بن عبد الحميد، عن عامر بن شراحيل الشعبي، والباقي ظاهر.

ص: وقد روي في هذا أيضًا عن عبد الله بن عمرو.

حدثنا محمَّد بن الحجاج، قال: ثنا أسد (ح).

وحدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن شعيب بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه قال: "ما رأيت النبي -عليه السلام- يأكل متكئًا [قط] (٢) ".


(١) في "الأصل، ك": "شدة"، والمثبت من "لسان العرب" (١/ ٢٠١) [مادة: تكأ] و"النهاية" (١/ ١٩٣).
(٢) في "الأصل، ك": "فقط"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>