ص: قالوا: وقد روي في إباحة الشعر آثار، فمنها: ما حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: ثنا مَعْن بن عيسى، قال: حدثني عبد الله ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال:"لما دخل رسول الله -عليه السلام- عام الفتح رأى نساءً يلطمن وجوه الخيل بالخُمُر، فتبسم فقال: يا أبا بكر، كيف قال حسان بن ثابت؟ فأنشده أبو بكر - رضي الله عنه -:
عَدِمْتُ بنيَتي إن لم ... تَرَوْها تثير النقع مِنْ كتفي كداء
ينازعن الأعنة مسرعات ... يَلطمهن بالخمر النساء
هكذا حدثنا أحمد بن داود، وأهل العلم بالعربية، يروون البيت الأول علي غير ذلك: تثير النقع موعدها كداء. حتى تستوي قافية هذا البيت مع قافية البيت الذي بعد. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أدخلوها من حيث قال".
ش: أي قال أهل المقالة الثانية: قد روي في إباحة قول الشعر وإنشاده أحاديث وآثار كثيرة، فمن ذلك حديث عبد الله بن عمر.
أخرجه بإسناد صحيح، وعبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم -.
وهذا الحديث فيه دلالة صريحة علي إباحة إنشاد الشعر وروايته وسماعه، ألا تري كيف قال -عليه السلام-: "يا أبا بكر، كيف قال حسان بن ثابت؟ " ثم أنشد أبو بكر - رضي الله عنه - ما قاله حسان، في قوله: عَدِمْتُ بنيتي. . . . إلى آخره. وهذان البيتان من قصيدة ساقها كلها مسلم في "صحيحه" (١): ثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، قال: أخبرني أبي، عن جدي، قال: حدثني خالد بن يزيد، قال: حدثني سعيد بن أبي هلال، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة - رضي الله عنها -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اهجوا قريشًا؛ فإنه أشد عليها من رشق بالنبل، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه،