للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه وجه آخر: وهو أن يكون نهيه عن الكي: هو أن يفعله احترازًا عن الداء قبل وقوع الضرورة ونزول البلية، وذلك مكروه، وإنما أبيح العلاج والتداوي عند وقوع الحاجة والضرورة إليه، ألا ترى أنه كوى سعدًا حين حاق عليه الهلاك من النزف؟ وقد يحتمل أن يكون إنما نهى عمران خاصة عن الكي في علة بعينها لعلمه أنه لا ينجع (١)، ألا تراه يقول: "ما أفلحنا ولا أنجحنا" وقد كان به الناسور، ولعله إنما نهاه عن استعمال الكي في موضعه من البدن، والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورًا، والكي في بعض الأعضاء يعظم خطره وليس ذلك في بعض الأعضاء، فيشبه أن يكون [النهي] (٢) منه صرفًا إلى النوع المخوف منه. والله أعلم.

قوله: "وقد بين ذلك" أي ما ذكرنا من أن الكي بعد نزول البلاء لإرادة العلاج والتداوي؛ مباح مأمور به.

وقوله: "حديث جابر" فاعل لقوله: "بيَّن".

وأخرجه بإسناد صحيح، عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن عبد الرحمن بن سليمان -هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة بن راهب المدني، روى له الجماعة، عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري المدني، روى له الجماعة.

وأخرجه البخاري (٣): عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: سمعنا النبي -عليه السلام- يقول: "إن كان في شيء من أدويتكم -أو يكون في شيء من أدويتكم- خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لَدْغَةٌ بنار توافق الداء، وما أحب أن أكتوي".


(١) كذا في "الأصل، ك" بالعين المهملة، وفي "النهاية" (٥/ ٢١): ويقال: نَجَعَ فيه الدواء، ونَجِعَ وأَنْجَعَ: إذا نفعه وعَمِلَ فيه، وقيل: لا يقال فيه: أنجع.
(٢) ليست في "الأصل، ك".
(٣) "صحيح البخاري" (٥/ ٢١٥٢ رقم ٥٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>