للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الجصاص: لا تجب في التيمم نية التطهر، وإنما يجب فيه التمييز وهو أن ينوي [رفع] (١) الحدث أو الجنابة.

والصحيح أن ذلك ليس بشرط، فإن ابن سماعة روى عن محمَّد: أن الجنب إذا تيمم يريد به الوضوء أجزأه عن الجنابة، ولو تيمم ونوى مطلق الطهارة أو نوى استباحة الصلاة فله أن يفعل كل ما لا يجوز بدون الطهارة كصلاة الجنازة، وسجدة التلاوة، ومس المصحف، ونحوها، لأنه لما أبيح له أداء الصلاة فلأن يباح له ما دونها وما هو جزء من أجزائها أولى، وكذا لو تيمم لصلاة الجنازة أو لسجدة التلاوة أو لقراءة القرآن بأن كان جنبا فجاز له أن يصلي سائر الصلوات؛ لأن كل واحد من ذلك عبادة مقصودة بنفسها، وهو من جنس أجزاء الصلاة فكان نيتها عند التيمم كنية الصلاة، فأما إذا تيمم لدخول المسجد أو لمس المصحف، لا يجوز له أن يصلي به، ولا هو من أجزاء الصلاة؛ لأن دخول المسجد، ومس المصحف ليس بعبادة مقصودة، ولا من جنس أجزاء الصلاة، فيقع طهورا لما أوقعه لا غير.

وفي "المغني" (٢): وينوي بالتيمم المكتوبة، لا نعلم خلافا في أن التيمم لا يصح إلاَّ بنية، غير ما حكي عن الأوزاعي، والحسن بن صالح أنه يصح بغير نيَّة، وسائر أهل العلم على إيجاب النيَّة فيه، وممن قال ذلك: ربيعة، ومالك، والليث، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، وينوي استباحة الصلاة، فإن نوى رفع الحدث لم يصح، هذا مذهب مالك، والشافعي، وحكي عن أبي حنيفة أنه يرفع الحدث، ولا يصح التيمم للفرض إلاَّ بنية الفرض، فإن نوى فريضة معينة فله أن يصلي غيرها، وإن نوى فريضة مطلقة فله أن يصلي به فريضة معينة، وإن نوى نفلا أو صلاة مطلقة لم يجز أن يصلي إلاَّ نافلة، وهذا مذهب الشافعي، وأباح له أبو حنيفة صلاة الفرض به كطهارة الماء، وإذا نوى الفرض استباح كل ما يباح بالتيمم من التنقل قبل الصلاة وبعدها، وقراءة القرآن، ومس المصحف، واللبث في المسجد،


(١) ليست في "الأصل، ك" والسياق يقتضيها.
(٢) "المغني" (١/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>