للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وكان من الحجة لهم في ذلك أن قول النبي -عليه السلام- الذي ذكروا في حديث أم سلمة لا يدل على ما قال أهل تلك المقالة؛ لأنه قد يجوز أن يكون أراد بذلك حجاب أمهات المؤمنين، فإنهن قد كن حجبن عن الناس جميعًا إلا من كان منهم ذو رحم محرم، فكان لا يجوز لأحد أن يراهُنَّ أصلًا إلا من كان بينه وبينهن رحم محرم، وغيرهن من النساء لسن كذلك؛ لأنه لا بأس أن ينظر الرجل من المرأة التي لا رحم بينه وبينها وليست عليه بمحرمة إلى وجهها وكفيها، وقد قال الله -عز وجل-: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (١)، فقيل في ذلك ما حدثنا سليمان، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: " {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (١) قال: الزينة: القُرط والقلادة والسوار والخلخال والدُملُج وما ظهر من الثياب والجلباب".

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا موسى بن أعين، عن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (١): الكحل والخاتم".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم " {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} ـ (١) قال: هو ما فوق الدرع".

فأبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي -عليه السلام- لما نزلت آية الحجاب، فَفُضِّلْنَ بذلك على سائر النساء.

ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه: "أن قول النبي -عليه السلام-. . . ." إلى آخره. أراد به منع استدلال أهل المقالة الأولى بحديث أم سلمة، وهو أنه لا يستقيم استدلالهم به؛ لأنه قد يجوز أن يكون أراد بذلك حجاب أمهات المؤمنين؛ وذلك لأنهن قد حجبن عن الناس جميعًا إلا مَن كان منهم ذو رحم محرم،


(١) سورة النور، آية: [٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>