قالوا: فلا يجوز بيع هذه القلادة بالذهب إلا بعد أن يُفصل ذهبها منها؛ لِما قد ذكرنا عن رسول الله -عليه السلام-؛ ولما احتججنا به من النظر.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: سالم بن عبد الله والقاسم بن محمَّد وشريحًا القاضي ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور -رحمهم الله- فإنهم قالوا: بيع القلادة إذا كانت على الصفة المذكورة لا يجوز إلا بعد أن يفصل ذهبها منها.
وقال عياض: حكم ما كان من الحلي منظومًا: أن يُفصل ويُباع على الانفراد ذهبه وعرضه، ولا يجمعان في عقد واحد على مذهب مالك إلا أن يكون ما مع الذهب تبعًا أو ما مع العروض من الذهب تبعًا، فيباع بخلاف ذلك من العين، ولا يجوز أن يباع بما فيه من العين، فإن كان مصوغًا بالعرض مربوطًا به لا يُفصل منه إلا بفساد أو نفقة ومؤنة، فإن كان مما لا يجوز إتخاذه كان حكمه حكم ما تقدم، وإن كان مما يجوز إتخاذه كلحي النساء والمصحف والسيف والخاتم وجميع آلة الحرب على خلاف عندنا فيما عدا السيف يجوز بيعه، بخلاف ما فيه من العين ناجزًا كيف كان من قلة ما فيه من العين أو كثرته، ويجري في بيعه مجرى الصرف مما يحل ويحرم، وأما بيعه بجنس ما فيه من العين فيجوز إذا كان فيه من العين تبعًا الثلث فأدنى نقدًا عند مالك وجمهور أصحابه وكافة العلماء.
وروي عن عمر وابن عمر منع ذلك، وروي عن جماعة من السلف، وقاله محمَّد ابن عبد الحكم من أصحابنا، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
ولو كان ما في السيف من ذلك مُمَوَّهًا بالذهب أو الفضة ومسبوكًا فيه مستهلكًا كان تبعًا بكل حال، وجاز بيعه كيف ما كان، وعلى هذا قاس شيوخنا جواز بيع الثياب المعلمة بالذهب إذا كان فيها من الذهب الثلث من قيمتها فأدنى بالدنانير نقدًا، أو بالدنانير والدراهم نسيئة، قال الإمام أبو عبد الله: مذهب مالك أن الذهب إذا كان معه سلعة فلا يجوز بيعها بذهب، وكذلك إذا كانت فضة وسلعة