قوله:"فهذا هو" أي هذا الذي ذكرنا هو الذي يشهد لهذا القول، أي قول أهل المقالة الثانية من النظر والقياس، أراد بذلك أن السنة تشهد لهذا القول مع القياس. والله أعلم.
ص: وقد اضطرب علينا حديث فضالة الذي ذكرنا، فرواه قوم على ما ذكرنا في أول هذا الباب، ورواه أخرون على غير ذلك:
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا أبو هانئ، أنه سمع عُلَيّ بن رباح اللخمي يقول: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول: "أتي رسول الله -عليه السلام- وهو بخيبر بقلادة فيها ذهب وخرز وهي من الغنائم تباع، فأمر رسول الله -عليه السلام- بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال رسول الله -عليه السلام-: الذهب بالذهب وزنًا بوزن".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا حميد بن هانئ، عن عُلي، عن فضالة، عن رسول الله -عليه السلام-، مثله غير أنه لم يقل:"بخيبر".
حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا المقرئ، قال: ثنا حيوة، عن هانئ. . . . فذكر بإسناده مثله.
ففي هذا الحديث غير ما في الحديث الأول، في هذا أن رسول الله -عليه السلام- نزع الذهب فجعله على حدة، ثم قال:"الذهب بالذهب وزنًا بوزن" ليُعَلِّم الناس كيف حكم الذهب بالذهب، فقد يجوز أن يكون رسول الله -عليه السلام- فصل الذهب؛ لأن صلاح المسلمين كان في ذلك، ففعل ما فيه صلاحهم لا لأن بيع الذهب قبل أن ينزع مع غيره في صفقة واحدة غير جائز، وهذا خلاف ما رَوَى مَنْ رَوَى أن رسول الله -عليه السلام- قال:"لا تباع حتى تفصل".
ش: هذا جواب عن حديث فضالة بن عبيد الذي احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه؛ حاصله أن هذا حديث مضطرب قد روي على وجوه مختلفة، فرواه قوم وأراد بهم: إبراهيم البرلسي عن عَمرو بن عون، والربيع عن أسد،