وأخرجه سعيد بن منصور، عن هشيم، عن منصور ويونس وابن عون، ثلاثتهم عن ابن سيرين، عن شريح، نحوه.
الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن شريح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): ثنا ابن أبي زائدة، عن هشام، عن ابن سيرين، عن شريح قال:"من أعطى في صلة أو قرابة أو معروف أو حق؛ فعطيته جائزة، والجانب المستغْزِر يثاب من هبته، أو ترد عليه".
قوله:"فعطيته جائزة" أي: نافذة، والمعنى أنها جازت ونفذت ولم يبق فيها رجوع.
قوله:"والجانب" أي: الغريب، يقال: جَنَبَ فلان في بني فلانٌ يَجْنُبُ جَنابة فهو جَانِب، إذا نزل فيهم غريبًا، أي أن الغريب الطالب إذا أهدى إليك شيئًا ليطلب أكثر منه في مقابلة هديته يثاب أو ترد عليه.
ومعنى "المستغْزِر" الذي يطلب أكثر مما أعطي وهو مستفعل من الغَزَارة وهي الكثرة قد غَزَر الشيء بالضم يَغْزِر فهو غزيرٌ ومَغْزُور، وقد غَزَرت الناقة إذا كثر لبنها، والاسم: الغَزْر مثال الضَّرْب.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: وأما هبة كل واحد من الزوجين لصاحبه: فإن أبا بكرة حدثنا، قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمَّد:"أن امرأة وهبت لزوجها هبة ثم رجعت فيها، فاختصما إلى شريح، فقال للزوج: شاهداك أنهما رأياها أنها وهبت لك من غير كره ولا هوان وإلا فبينتها لقد وهبت لك عن كره وهوان".
فهذا شريح - رضي الله عنه - قد سأل الزوج البينة أنها قد وهبت له لا عن كره بعد ارتجاعها في الهبة، فدل ذلك أن البينة لو ثبتت عنده على ذلك لرد الهبة إليه ولم يجز لها الرجوع