ش: أي: فقال القوم الذين أجازوا الشرط في العمرى بقوله -عليه السلام-: "المسلمون عند شروطهم" وهم أهل المقالة الأولى، ومنهم: مالك والليث بن سعد كما قد ذكرنا، والحاصل أنهم قالوا: نحن نقول مثلكم من كون العمرى للمُعْمَر ولعقبه بتة إذا وقعت معقبة على ما وصف في حديث أبي سلمة عن جابر، وأما إذا لم يكن فيها ذكر العقب فهي راجعة إلى المعطِي -بكسر الطاء بعد زوال المُعْمَر-بفتح الميم الثانية- قالوا:"وهذا أولى" أي الذي رواه أبو سلمة أولى مما رواه عطاء بن أبي رباح وأبو الزبير محمَّد بن مسلم عن جابر، وهو الذي ذكر فيما قبل هذا؛ "لأن هذا" أي أبا سلمة "قد زاد عليهما" أي على عطاء وأبي الزبير. قوله:"لعقبه" حيث قال في روايته: "أيما رجل أُعْمِرَ عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها. . . ." الحديث. "وليس هو" أي أبو سلمة "بَدونهما" أي بدون عطاء وأبي الزبير في ارتفاع الشأن وجلالة القدر "فالزيادة أولى" لأنها من الثقة الثبت والعمل بالزيادة أكثر فائدة وأشد إيضاحًا وأقوى بيانًا في الحكم.
ص: فكان من حجتنا للآخرين في ذلك: أنه لو لم يكن روي عن رسول الله -عليه السلام- في العمرى حديث غير حديث أبي سلمة هذا؛ لكان فيه أكبر الحجة للذين يقولون أن العمرى لا ترجع إلى المُعْمِر أبدًا ولا يجوز شرطه، وذلك أن العمرى لا تخلو من أحد وجهين:
إما أن تكون داخلة في قول النبي -عليه السلام-: "المسلمون عند شروطهم" فينفذ للمُعْمِر فيها الشرط على ما شرطه لا يبطل من ذلك شيء، كما تنفذ الشروط من الموقف فيما يوقف.
أو تكون خارجة من ملك المُعْمِر داخلة في ملك المُعَمر فتصير بذلك في سائر ماله.
ويبطل ما شرطه عليه فيها، فنظرنا في ذلك، فإذا العمرى إذا أوقعت على أنها للمُعْمَر ولعقبه فمات وله عقب وزوجة أو أوصى بوصايا، أو كان عليه دين؛ أن