للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج ذلك بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي شيخ البخاري، عن سفيان الثوري، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكوفي، عن عكرمة مولى ابن عباس.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١) عن عكرمة نحوه.

وكذا روى سعيد بن الجبير، عن الحكم، عن مجاهد.

وكذا روى عثمان، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.

قال الجصاص: ذكر هؤلاء أن قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (٢) ناسخ للتحيز المذكور في قوله تعالى:

{فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (٣) ومعلوم أن ذلك لا يقال من طريق الرأي والاجتهاد، وإنما طريقه التوقيف.

قوله: "وقال الآخرون" وأراد بهم أهل المقالة الأولى "تأويلها" أي تأويل الآية المذكورة وهي قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} (٢) الآية، غير ناسخة لقوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ} (٣) وإنما تأويلها: احكم بينهم بما أراك الله إن حكمت. ويقال: يحتمل أن يكون قوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (٢) قبل أن تعقد لهم الذمة ويدخلوا تحت أحكام الإِسلام بالجزية، ويكون قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (٢) بعد عقد الذمة لهم ودخولهم في أحكام الإِسلام، والدليل على ذلك ما روي عن ابن عباس: "أن قوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (٣) إنما نزلت في الدية بين بني قريظة وبني النضير، وذلك أن بني النضير كان لهم شرف ويدون دية كاملة، وأن بني قريظة يدون نصف الدية، فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله -عليه السلام-، فأنزل الله ذلك فيهم،


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٤/ ٤٢٨ رقم ٢١٧٨٣).
(٢) سورة المائدة، آية: [٤٩].
(٣) سورة المائدة، آية: [٤٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>