للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاصله أن ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى فاسد من جهة القياس أيضًا؛ لأنهم اتفقوا على بطلان القضاء باليمين والشاهد في غير الأموال، مع أن القصة المروية في الشاهد واليمين ليس فيها أنها كانت في الأموال أو غيرها، كان القياس يقتضي أن يكون حكم الأموال كغيرها، وتخصيصهم إياه بالأموال ترجيح بلا دليل وهو باطل.

فإن قيل: قال عمرو بن دينار: "في الأموال" أخرج البيهقي ذلك في "الخلافيات" وغيرها (١) وقال: أنا أبو عبد الله الحافظ وأحمد بن الحسن القاضي، قالا: ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب، نا الربيع بن سليمان: ثنا الشافعي، ثنا عبد الله بن الحارث المخزومي، عن سيف بن سليمان، عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس: "أن رسول الله -عليه السلام- قضي باليمين مع الشاهد" قال عمرو: "في الأموال".

قلت: هو قول عمرو بن دينار ومذهبه، وليس فيه أن النبي -عليه السلام- قضي بها في الأموال.

وقال ابن حزم: قال الشافعي في بعض الآثار أن النبي -عليه السلام- حكم بذلك في الأموال وهذا لا يوجد أبدًا في شيء من الآثار الثابتة، والواجب أن يحكم بها في الدماء والقصاص والنكاح والطلاق والرجعة والأموال حاشي الحدود؛ لأن ذلك عموم الأخبار، ولم يأت في شيء من الأخبار منع من ذلك.

وقال الجصاص: فإذا جاز أن [لا] (٢) يقضى به في غير الأموال، وإن كانت القضية مبهمة ليس فيها بيان ذكر الأموال ولا غيرها ولا ذكر الواقعة ولا بيان أسماء الخصمين فكذلك لا يقضى بها في الأموال، إذا لم يبين كيفيتها، وليس القضاء بها في الأموال بأولى منه في غيرها.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (١٠/ ١٦٧ رقم ٢٠٤٢٢).
(٢) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>