للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه البزار في "مسنده" (١): ثنا محمَّد بن بشار، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا حماد بن يزيد البصري -روى عنه جماعة- قال: ثنا معاوية بن قرة، عن كهمس الهلالي، قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: "خير الناس قرني الذين أنا فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم ينشأ أقوامٌ يفشوا فيهم السمن، يشهدون ولا يستشهدون، ولهم لغط في أسواقهم".

ولا نعلم أسند كهمس الهلالي عن عمر إلا هذا الحديث، وكهمس قد روى عن النبي -عليه السلام- حديثًا واحدًا.

قلت: هو حديث في الصوم، وقد ذكرناه في ترجمته.

ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قومٌ إلى أن من شهد بالشهادة قبل أن يُسألها، أنه يكون مذمومًا، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: جماعة من أهل الحديث وطائفة من الظاهرية؛ فإنهم احتجوا بهذه الأحاديث التي رويت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقالوا: من شهد بالشهادة قبل أن يُسألها فهو مذموم.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون؛ فقالوا: بل هو محمود مأجور على ما كان منه في ذلك.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا وآخرين؛ فإنهم قالوا: أداء الشهادة قبل أن يسألها محمود غير مذموم، وهو مأجور على ذلك؛ لأن فيه المبادرة إلى إحاء الحق، والاجتناب عن الدخول تحت الوعيد في قوله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (٢).


(١) "مسند البزار" (١/ ٣٧٠ رقم ٢٤٨).
(٢) سورة البقرة، آية: [٢٨٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>