بعد العدة رضيتا بفلان زوجًا فقضى القاضي بهذه الشهادة، فإن وطء تينك المرأتين حلال للفاسق الذي شهدا له بالزور، حرام على المشهود عليه بالباطل، وكذلك من أقام شاهدي زور على فلان أنه أنكحه ابنته برضاها وهي في الحقيقة لم ترضه قط ولا زوجها إياه أبوها فقضى القاضي بذلك، فوطئه إياها حلال.
ثم قال ابن حزم: ما نعلم أحدًا قبله قال بهذه الطامة.
قلت: جهله بذلك لا يرد علم غيره به، وقد قال أبو عمر بن عبد البر: وجاء عن أبي حنيفة وأبي يوسف، وروي ذلك عن الشعبي قبلهما في رجلين تعمدا الشهادة بالزور على رجل أنه طلق امرأته، فقبل القاضي شهادتهما لظاهر عدالتهما عنده وهما قد تعمدا الكذب في ذلك أو غلطا، ففرق القاضي بين الرجل وامرأته بشهادتهما، ثم اعتدت المرأة جاز لأحدهما أن يتزوجها وهو عالم أنه كاذب في شهادته، وعالم بأن زوجها لم يطلقها؛ لأن حكم الحاكم لما أحلها للأزواج فإن الشهود وغيرهم في ذلك سواء.
ص: والدليل على ذلك ما روي عن رسول الله -عليه السلام- في المتلاعنين:
حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال:"فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي بني العجلان وقال لهما: حسابكما على الله، الله يعلم أن أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها، قال: يا رسول الله، صداقي الذي أصدقتها، قال: لا مال لك؛ إن كنت صدقت عليها فهو بها استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فهو أبعد لك منه".
ش: أي الدليل على ما ذهب إليه الآخرون: حديث المتلاعنين.
أخرجه بإسناد صحيح، عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة. . . . إلى آخره.