للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة -رضي الله عنها - زوج النبي -عليه السلام- أخبرته "أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء، فمنه أن يجتمع الرجال العدد على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا، وكن ينصبن على أبوابهن رايات، فيطأها كل من دخل عليها، فهذا حملت ووضعت حملها جمع لهم القافة، فأيهم ألحقوه به صار أباه ودعي بأبيه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله -عَزَّ وَجَلَّ- محمدًا بالحق هدم نكاح أهل الجاهلية وأقر نكاح أهل الإِسلام".

ففي هذا الحديث أن إثبات النسب بقول القافة كان من حكم الجاهلية، وأن رسول الله -عليه السلام- هدم ذلك النكاح الذي كان يكون فيه ذلك الحكم، وأقر الثاني على النكاح الذي لا يحتاج فيه إلى قول القافة، وجعل الولد لأبيه الذي يدعيه، فيثبت نسبه بذلك، ونسخ الحكم المتقدم الذي كان الحكم فهي بقول القافة، وقد كان أولاد البغايا الذين ولدوا في الجاهلية من أدعى أحدًا منهم في الإِسلام ألحق به.

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن يحيى بن سعيد (ح).

وحدثنا يونس، نا أبي، ثنا أنس، عن يحيى بن سعيد -قال مالك في حديثه: عن سليمان بن يسار وقال أنس: أخبرني سليمان بن يسار: "أن عمر - رضي الله عنه - كان يليط أهل الجاهلية بمن ادعاهم في الإِسلام، فدل ذلك أنهم لم يكونوا يلحقون بهم بقول القافة، فيكون قولهم كالبينة التي تشهد على ذلك، فلو كان قولهم مستعملًا في الإِسلام كما كان مستعملًا في الجاهلية إذا لم قالت عائشة - رضي الله عنها -:إن ذلك مما هدم، إذًا كان يجب به علم أن الصبي ممن وطئ أمه من الرجال، ففي نسخ ذلك دليل على أن قولهم لا يجب به حكم ثبوت النسب.

ش: هذا في الحقيقة جواب آخر عما احتج به أهل المقالة الأولى، بيانه أن حديث عائشة الذي احتج به هؤلاء منسوخ، والدليل عليه ما روي عن عائشة أيضًا، لأن في حديثها هذا يخبر أن إثبات النسب بقول القافة، كان من حكم الجاهلية، وأنه -عليه السلام- هدم النكاح الذي كان يكون فيه الحكم بالقافة، وأقر النكاح الذي لا يحتاج فيه إلى قول القافة؛ فثبت بذلك انتساخ إثبات النسب بالقافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>