يكون حجة لهم لو كان لفظ الحديث كذلك , فأما إذا كان على ما روينا في الحديث؛ فلا حجة لهم في ذلك، وهو على الودائع والغصوب والعواري والرهون أموال الطالبين في وقت المطالبة بها وذلك كما جاء عن رسول الله -عليه السلام- في حديث سمرة - رضي الله عنه -، فإنه حدثنا محمَّد بن عمرو، قال: ثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن سعيد بن زيد بن عقبة، عن أبيه، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - أن رسول الله -عليه السلام- قال:"ومن سرق له متاع -أو ضاع له متاع- فوجده في يد رجل بعينه، فهو أحق بعينه، ويرجع المشتري على البائع بالثمن".
ش: أي: وكان من حُجَّة هؤلاء الآخرين، وأراد بها الجواب عما احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من حديث أبي هريرة المذكور، وبيانه أن يقال: استدلالهم به لما ذهبوا إليه فاسد؛ وذلك لأن المذكور في الحديث "فأصاب رجل ماله بعينه".
والمبيع ليس هو عين ماله؛ لأنه خرج عن ملكه بالعقد وملكه المشتري فكأن العين قد تبدلت بتبدل الملك الوارد عليها، نعم قد كان ذلك عين ماله قبل ورود العقد عليه.
وقوله:"ماله بعينه" إنما يقع على الغصوب والعواري والودائع ونحوها؛ لقيام ملكه فيها، والحديث إنما يكون حجة لهؤلاء لو كان رجل أصاب غير ماله الذي قد كان له، فباعه من الرجل الذي وجده في يده، والحال أنه لم يقبض منه ثمنه، فهو أحق به من سائر الغرماء، فلو كان لفظ الحديث هكذا كان يكون حجة لهم، فأما إذا كان على اللفظ الذي روي فيما مضى، فليس لهم فيه حجة، وإنما هو على الغصوب والودائع والرهون ونحوها، والدليل على ذلك ما روى عن سمرة بن جندب.
أخرجه عن محمَّد بن عمرو بن يونس الثعلبي السوسي، عن أبي معاوية محمَّد بن خازم الضرير، عن الحجاج بن أرطاة النخعي فيه مقال، عن سعيد بن زيد الفزاري الكوفي وثقه ابن حبان، عن أبيه زيد بن عقبة الفزاري الكوفي -أخي حصين بن عقبة، وثقه العجلي والنسائي وروى له وأبو داود والترمذي أيضًا.