للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه الطبراني (١): نا عبيد بن غنام، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة (ح).

وحدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، قالا: ثنا أبو معاوية، عن الحجاج، عن سعيد بن زيد. . . . إلى آخره نحوه.

فهذا يبين أن المراد من حديث أبي هريرة أنه على الودائع والعواري ونحوهما، وأن صاحب المتاع أحق به إذا وجده في يد رجل بعينه، وليس للغرماء فيه نصيب، لأنه باق على ملكه ولم يخرج؛ لأن يد الغاصب يد التعدي والظلم، وكذلك يد السارق، بخلاف ما إذا باعه وسلمه إلى المشتري، فإنه يخرج عن ملكه وإن لم يقبض الثمن.

ص: فقال أهل المقالة الأول: لو كان الحديث على ما ذكرتم من التأويل الذي وصفتم؛ إذا لما كان بنا إلى ذكر النبي -عليه السلام- ذلك من حاجة؛ لأن هذا تعلمه العامة فضلًا عن الخاصة، فالكلام بذلك فضل وليس من صفته -عليه السلام- الكلام بالفضل ولا الكلام بما لا فائدة فيه، فكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك: أن ذلك ليس بفضل بل هو كلام صحيح وفيه فائدة؛ وذلك أنه أعلمهم أن الرجل إذا أفلس فوجب أن يقسم جميع ما في يده بين غرمائه، فثبت ملك رجل لبعض ما في يده؛ أنه أولى بذلك، وإذا كان الذي ذلك في يده قد ملكه وغَرَّ فيه؛ فلا يجب له فيه حكم إذ كان مغرورًا؛ فعلمهم بهذا الحديث ما علمهم بحديث سمرة - رضي الله عنه -، وبقي أن يكون المغرور الذي يُشكِل حكمه عند العامة يستحق بذلك المغرور شيئًا، فهذا وجهٌ لهذا الحديث صحيح.

ش: هذا اعتراض من جهة أهل المقالة الأولى على ما ذكره أهل المقالة الثانية من التأويل المذكور في حديث أبي هريرة، وهو ظاهر، وأجاب عن ذلك بقوله: فكان من الحجة للآخرين عليهم -أي على أهل المقالة الأولى وهو ظاهر.

قوله: "أنه أعلمهم" أي أن رسول الله -عليه السلام- أعلم أمته.


(١) "المعجم الكبير" (٧/ ١٨٥ رقم ٦٧٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>