فإنهم قالوا: إن كان المعتق لنصيبه معسرًا استسعي العبد في قيمة من لم يعتق، وعتق كله. وذهب إليه الطحاوي.
وقال ابن حزم: وقد ذكرناه عن ثلاثين من الصحابة - رضي الله عنهم -.
قلت: اختلف هؤلاء، أيكون حرًّا منذ يعتِق الأول نصيبه ولا يكون للآخر تصرف بعتق ولا بغيره، أو لا يعتق إلا بأداء؟ ولمن يكون ولاؤه إن عتِق باستسعائه؟ وهل يرجع على الذي أعتَق بعضه أولًا بما بقي له أم لا؟.
أما الفصل الأول: فإن أبا يوسف، ومحمدًا والأوزاعي والحسن بن حيّ قالوا: هو حرّ ساعة التلفظ بعتقه.
وقال قتادة: هو عبد حتى يؤدى إلى من يعتق حقه.
وأما الفصل الثاني: فإن حمادًا والحسن البصري قالا: إن كان للمعتق مال فضمنه فالولاء كله له، وإن عتق بالاستسعاء فالولاء بينهما. وهو قول سفيان أيضًا.
وقال الشعبي وابن شبرمة وابن أبي ليلى وكل من قال: هو حُرٌّ حين يعتق بعضه: إن ولاءه كله للذي أعتق بعضه، عتق عليه أو بالاستسعاء. وهو قول النخعي أيضًا.
وأما الفصل الثالث: فإن ابن أبي ليلى وابن شبرمة قالا: يرجع المعتق بما أدّى على العبد، ويرجع العبد إذا استسعى بما أدى على الذي ابتدأ عتقه.
وقال أبو يوسف وغيره: لا رجوع لأحدهما على الآخر.
الثاني عشر: مذهب أبي حنيفة.
فإنه قال: من أعتق نصيبًا له من عبد أو أمة، فشريكه بين خيارين: إن شاء أعتق نصيبه، ويكون الولاء بينهما سواء كان في كلا الأمرين موسرًا أو معسرًا، وله إن كان موسرًا خيار في وجه ثالث وهو: إن شاء ضَمَّن المعتِقَ حصته, ويرجع المعتِق الآخر على العبد بما ضمنه شريكه الذي أعتق، فإذا أداها العبد عتق رقبته، والولاء في هذا الوجه خاصةً للذي أعتق حصته فقط.