وكنتُ يومئذٍ صغيرًا، فذكر ذلك الأسود لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: أعتقوا أنتم، فإذا بلغ عبد الرحمن، فإن رغب فيما رغبتم أعتق، وإلا ضَمَّنكم".
ففي هذا الحديث أن لعبد الرحمن بعد بلوغه أن يعتق نصيبه من العبد الذي قد كان دخله عتاق أمه وأخيه قبل ذلك.
قال أبو حنيفة -رحمه الله-: فلما كان له أن يعتق بلا بدل كان له أن يأخذ العبد بأداء قيمة ما بقي له فيه حتى يعتق بأداء ذلك إليه.
وكما كان للذي لم يُعتق أن يَعْتق نصيبه من العبد، فضمَّن الشريك المعتق، رجع إلى هذا المضمَّن من هذا العبد مثل ما كان للذى ضمَّنه، فوجب له أن يستسعى العبد في قيمة ما كان لصاحبه فيه، وفيما كان لصاحبه أن يستسعيه فيه.
فهذا مذهب أبي حنيفة في هذا الباب.
والقول الأول الذي ذهب إليه أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-، أصح القولين عندنا؛ لموافقته لما رويناه عن رسول الله -عليه السلام-.
ش: أي احتج أبو حنيفة -رحمه الله-: فيما ذهب إليه بما حدثنا أبو بشر عبد الملك ابن مروان الرقي، عن أبي معاوية الضرير محمَّد بن خازم، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي.
وفيه إشارة إلى ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: "كان بيني وبين الأسود وبين أمِّنا غلام قد شهد القادسية، وأبلى فيها، فأرادوا عتقه، وكنت صغيرا فذكر ذلك الأسود لعمر - رضي الله عنه -، فقال عمر: اعتقوا أنتم، ويكون عبد الرحمن على نصيبه حتى يرغب في مثل ما رغبتم فيه، أو يأخذ نصيبه".
وجه احتجاج أبي حنيفة: أن عمر - رضي الله عنه - أثبت لعبد الرحمن الإعتاق بعد بلوغه، بعد أن ثبت في العبد إعتاق، فدل على تجزئ الإعتاق.