للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رواه (١) من وجه ثالث، وقال: صحيح الإسناد.

فإذ قيل: لما أخرج البيهقي هذا الحديث في "سننه" (٢) وبيّن الاختلاف فيه قال: هذا المذهب إنما يُروى عن علي - رضي الله عنه - وفي ثبوته عن النبي -عليه السلام- نظر.

قلت: رواه جماعة مرفوعًا وهو زيادة فلا تضرهم رواية من وقف، ولهذا حسّنه الترمذي وصحّحه الحاكم، وقال ابن حزم: خبر علي وابن عباس -رضي الله عنهم- في غاية الصحة، وليت شعري من أين وقع أن العدل إذا أسند الخبر وأوقفه آخر -أو أرسله- أن ذلك علة في الحديث، هذا لا يوجبه نص ولا نظر ولا معقول (٣).

قوله: "يُوَدى المكاتب" على صيغة المجهول من وديتُ القتيل أَدِيه ديةً إذا أعطيت ديته، وأصل دِية وِدْية، كعِدة أصلها وَعْدٌ، حذفت الواو منهما تبعًا للفعل المضارع، وعوضت عنها الهاء، والأمر من هذا: دِ، دَيا، دُوا، كقِ قِيًا قوا، أصله: أود، كما أن أصل قِ: أوق حذفت الواو تبعًا للفعل، فصار "أد"، فاستغني عن الهمزة، فطرحت، فبقي "د" على وزن "ع" لأن المحذوف "فاء" الفعل، و"لامه"، أما الفاء فَلِمَا ذكرنا، وأما اللام فلأن آخر الأمر مجزوم، والجزم في النواقص بحذف اللام، فافهم.

قوله: "بحصة ما أدى" أي بقدر حصة ما أدّى من مال الكتابة.

قوله: "دية الحُر" بنصب الدية على الإطلاق.


(١) "مستدرك الحاكم" (٢/ ٢٣٨ رقم ٢٨٦٦).
(٢) "السنن الكبرى" (١٠/ ٣٢٦ رقم ٢١٤٤٦).
(٣) ليس الأمر على إطلاقه كما هو معلوم في علم أصول الحديث، والخلاف في هذه المسألة مشهور بين المحققين من المحدثين، والفقهاء والأصوليين.
والراجح عند المحققين من المحدثين المتقدمين ومن تبعهم أن الترجيح يكون بحسب القرائن المحتفة بالرواية فيرجح المرفوع إذا كان راويه أحفظ وأتقن ممن وقفه، أو أكثر عددا، وبالعكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>