بالحجاب منه، فلو كان النبي -عليه السلام- قد جعله ابن زمعة إذًا لَمَا حجب بنت زمعة منه؛ لأنه -عليه السلام- لم يكن يأمر بقطع الأرحام؛ بل كان يأمر بصلتها، ومن صلتها التزاور، فكيف يجوز أن يأمرها بالحجاب منه وقد جعله أخاها؟! هذا لا يجوز عليه، وكيف يجوز ذلك عليه وهو يأمر عائشة - رضي الله عنها - أن تأذن لعمها من الرضاعة عليها، ثم يحجب سودة ممن قد جعله أخًا لها وابن أبيها؟!
لكن وجه ذلك عندنا والله أعلم: أنه لم يكن حكم فيه بشيء غير اليد التي جعله بها لعبدٍ، ولسائر ورثة زمعة، دون سَعْد.
ش: أي وكان من الحجة والبرهان لأهل المقالة الثانية في الحديث الأول -وهو حديث عائشة - رضي الله عنها -، وأراد بها الجواب عنه- الذي احتجت به أهل المقالة الأولى لما ذهبوا إليه، وبيانه: هو قوله: "إنما قال لعبد بن زمعة. . . ." إلى آخره. وهو ظاهر.
وبه قيل: إن في قوله: "إنما قيل لعبد بن زمعة هو لك يا عبد ولم يقل: هو أخوك" نظر.
لأن أبا داود (١) روى هذا الحديث: عن سعيد بن منصور ومسدد، قالا: ثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله -عليه السلام- في ابن أَمة زمعة، فقال سعد: أوصاني أخي عتبة إذا قدمتَ مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة فأقبضه، فإنه ابنه، وقال ابن زمعة: أخي، ابن أَمة أبي، ولد على فراش أبي، فرأى رسول الله -عليه السلام- شبهًا بيَّنًا بعتبة، فقال: الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة".
وزاد مسدد في حديثه:"فقال: هو أخوك يا عبد".
والجواب عن ذلك عن الصحيح ما رواه سعيد بن منصور، والزيادة التي زادها مسدد ما نعلم أحدًا تابعه عليها، نعم قد روي:"هو لك يا عبد" كما مرّ