أجل، فإن كان معسرًا كلفت أن تستسعى في الدين الحال بالغًا ما بلغ، ولا ترجع به على سيدها, ولا يتكلف ولدها سعاية، فإن كان الدين إلى أجل كلفت أن تسعى في قيمتها فقط، فجعلت رهنًا مكانها، فإذا حلّ أجل الدين كلفت من قبل أن تستسعى في باقي الدين إن كان أكثر من قيمتها، وإن كان السيد استلحق ولدها بعد وضعها له وهو معسر، قُسِّمَ الدين على قيمتها يوم ارتهنها، وعلى قيمة ولدها يوم استلحقه مما أصاب الأمَّ سَعَت فيه بالغًا ما بلغ للمرتهن، ولم ترجع به على سيدها، وما أصاب الولد سعى في الأقل من الدين أو من قيمته، ورجع به على أبيه، ويأخذ المرتهن كل ذلك.
ص: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أي وهذا الذي ذكرنا من عدم جواز استعمال الراهن الرهن بالركوب والاستخدام والوطأ، هو قول أبي حنيفة وصاحبيه -رحمهم الله-.
ص: وقد حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا الحسن بن صالح، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال:"لا ينتفع من الرهن بشيء".
فهذا الشعبي يقول هذا، وقد روى عن أبي هريرة، عن النبي -عليه السلام- ما ذكرنا، أفيجوز عليه أن يكون أبو هريرة يحدثه عن النبي -عليه السلام- بذلك، ثم يقول هو بخلافه ولم يثبت النسخ عنده؟! لئن كان ذلك كذلك فلقد صار متهمًا في رأيه، وإذا كان متهمًا في رأيه كان متهمًا في روايته، وإذا ثبتت له العدالة في روايته ثبتت له العدالة في ترك خلافها، فإن وجب سقوط أحد الأمرين وجب سقوط الآخر، والمحتج علينا بحديث أبي هريرة هذا يقول: من روى حديثًا عن النبي -عليه السلام- فهو أعلم بتأويله، فكان يجيء على أصله، ويلزمه في قوله أن يقول لمَّا قال الشعبي ما ذكرنا مما يخالف ما روى عن أبي هريرة عن النبي -عليه السلام-: كان ذلك دليلًا على نسخه.