المسألة الثانية هو مثل الثوب وهو القيمة وإذا أراد أن يأخذ شيئًا آخر غير القيمة ليس له ذلك إلا بالتراضي. فافهم.
قوله:"ثبت بذلك أن الذي كان وجب له هو الدم" أي ثبت بما ذكرنا أن الواجب للولي هو القود وأن المال بدل منه، وقد تكلموا فيه أن الواجب للولي بنفس القتل هو القود والدية جميعًا، أو القود دون الدية، أو إحداهما على وجه التخيير، فلا يجوز أن يكون حقه الأمرين جميعًا بالاتفاق، ولا أن يكون أحدهما على حسب ما يختاره الولي كما في كفارة اليمين ونحوها، وذلك لأن الذي أوجبه الله تعالى في الآية هو القصاص، وفي إثبات التخيير بينه وبين غيره زيادة في النص ونفي لإيجاب القصاص، ومثله عندنا يوجب النسخ، فإذا الواجب هو القود لا غير، فلا يجوز له أخذ المال إلا برضى القاتل.
فإن قلت: سلمنا أن الواجب هو القصاص ولهما جميعًا نقله إلى المال بالتراضي إذ ليس في ذلك إسقاط لوجب حكم الآية من القصاص.
قلت: القصاص حق للولي على القاتل من غير إثبات تخيير بين القود وغيره، وتراضيهما على نقله إلى المال لا يخرجه من أن يكون هو الواجب دون غيره؛ لأن ما تعلق حكمه بتراضيهما لا يؤثر في الأصل الذي كان واجبًا من غير خيار، ألا ترى أن الرجل يملك طلاق امرأته ويملك الخلع وأخذ البدل عن الطلاق، وليس في ذلك إثبات ملك الطلاق له ندبًا، على أنه مخير في نقله إلى المال من غير رضي المرأة، وأنه لو كان له أن يطلق ويأخذ المال ندبًا من غير رضاها لكان ذلك موجبًا كونه كونه مالكًا أحد شيئين من طلاق أو مال.
ص: ولما لم يكن فيما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم ما يدل عليه؛ نظرنا هل للآخرين خبر يدل على ما قالوا؛ فإذا أبو بكرة وإبراهيم بن مرزوق قد حدثانا قالا: ثنا عبد الله بن بكر السهمي (ح).
وحدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاري، قالا: ثنا