للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروح، فلا ينبغي أن يُصبر أحدٌ؛ لنهي رسول الله -عليه السلام-، ولكن يُقْتل قتلًا لا يكون معه شيء من النهي.

ألا ترى أن رجلًا لو نكح رجلًا فقتله بذلك، أنه لا يجب للولي أن يفعل بالقاتل كما فعل، ولكن يجب له أن يقتله لأن نكاحه إياه حرام عليه، فكذلك صبره إياه فيما وصفنا حرامٌ عليه، ولكن له قتله كما يقتل مَن حل دمه بردة أو بغيرها.

هذا هو النظر، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله- غير أن أبا حنيفة لا يوجب القود على من قَتل بحجر، وسنبيِّن قوله هذا والحجة له في باب شبه العمد إن شاء الله تعالى.

ش: أي فإن قال قائل من أهل المقالة الأولى: لا ينتظر برء الجرح، وخالف فيما ذهب إليه من ذلك الأحاديث المذكورة، فكفى به جهلًا في ذلك، حيث خالف كل مَن تقدمه من العلماء على ذلك.

قوله: "وعلى ذلك" أي وعلى خلاف هذا القائل نُفسد قوله من طريق النظر والقياس، والحاصل أن هذا القائل إذا ذهب إلى ما قاله من القول المذكور، فقد خالف فيه العلماء من الكوفيين والمدنيين، وأتى بقول يُبطله ويُفسده عليه النظر الصحيح، ثم بيَّن ذلك بقوله: "وذلك أنا لو رأينا. . . ." إلى آخره. وهو ظاهر.

قوله: "ويدخل أيضًا. . . . إلى آخره" إشارة إلى بيان فساد يلزم مَنْ يقول: إن الجاني يُقتل كما قتل.

واعترض ابن حزم (١) في قوله: "إذا رماه بسهم. . . . إلى آخره"، فقال: يطعن بسهم مثله في الموضع الذي صادفه فيه سهمه ظلما حتى يموت، وكذلك يجاف بجائفة (٢) يوقن أنه يموت منها.


(١) "المحلى" (١٠/ ٣٧٨).
(٢) الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف، وطعنة جائفة: تخالط الجوف، وقيل: هي التي تنفذه، وجافه بها وأجافه بها: أصابه جوفه. انظر "لسان العرب" (مادة: جوف).

<<  <  ج: ص:  >  >>