للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديلمي قال: "أتينا واثلة، فقال: أتينا رسول الله -عليه السلام- في صاحب لنا قد أوجب النار، فقال: أعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار".

وأخرجه البيهقي (١) من طريقه ثم قال: رواه الحكم بن موسى، عن ضمرة نحوه، وزاد "قد أوجب -يعني- ألنار بالقتل".

قلت: رواه ابن المبارك عن ابن أبي عبلة فلم يذكر أنه أوجب النار بالقتل، وهو أثبت وأضبط وأتقن من ضمرة بن ربيعة. ولئن سلمنا أنه صحيح، فالحديث لا يدل على دعواه من وجوه:

الأول: تأويل من الراوي في قوله: "أوجب النار بالقتل"؛ لأنه قال: يعني بالقتل.

والثاني: أنه لو أراد رقبة القتل لذكر رقبة مؤمنةً، فلما لم يشترط لهم الأيمان فيها، دل على أنها ليست من كفارة القتل.

والثالث: أنه إنما أمرهم بأن يعتقوا عنه، ولا خلاف أنه ليس عليهم عتقها عنه.

والرابع: أن عتق الغير عن القاتل لا يجزئه عن الكفارة.

والخامس: ما قاله ابن حزم: إنما فيه أن صاحبًا لنا قد أوجب، ولا نعرف في اللغة أن "أوجب" بمعنى قتل عمدًا فصار هذا التأويل كذبًا مجردًا، ودعوى على اللغة بما لا يعرف، وقد يكون معنى "أوجب" أي أوجب لنفسه النار بكثرة معاصيه، وقد يكون معنى أوجب أي قد حضرت منيته، وقد يقال: قد أوجب فلان بمعنى مات.

وأما حديث البزار فقد قال ابن حزم: إنه غير صحيح؛ لأن في طريقه إسرائيل وهو ليس بالقوي، وكان يقبل التلقين، وأيضًا فكان يكون في إيجاب ذلك على مَن قتل نفسًا في جاهليته وهو كافر حربي كما كان قيس بن عاصم المأمور بهذه الكفارة في هذا الحديث، وهم لا يقولون بهذا أصلًا؛ فبطل تعلقهم بهذا الخبر.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٨/ ١٣٢ رقم ١٦٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>