فإن قلت: لما وجبت الكفارة على الخاطئ، فهي على العامد أوجب؛ لأنه أغلظ.
قلت: ليست هذه الكفارة مستحقة بالمأثم فيها؛ لأن المخطئ غير آثم باعتبار المأثم فيه ساقط، ألا ترى أنه -عليه السلام- أوجب سجود السهو على الساهي ولم يوجب على العامد؟.
قوله: واختلفوا في كيفيتها ما هي؟ " أي في كيفية شبه العمد، ويمكن أن يكون لما ثبت باعتبار الكيفية.
قوله: "قال قائلون" وأراد بهم: الثوري والأوزاعي وأبا حنيفة، فأبو حنيفة يقول: القتل بالعصا والحجر صغيرًا كان أو كبيرًا: شبه العمد، وكذلك التفريق في الماء.
وقال الثوري: شبه العمد أن يضربه بعصًا أو بحجر أو بيده فيموت، ففيه الدية مغلظة، ولا قود فيه، والعمد ما كان بسلاح.
وقال الأوزاعي: شبه العمد أن يضربه بعصًا أو سوط ضربةً واحدة، فإن ثَنَّى بالعصا، ثم مات مكانه، فهو عمد يقتل به.
قوله: "وقال آخرون" أي جماعة آخرون، وأراد بهم: عثمان البتي والشافعي وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: شبه العمد: القتل بما لا يقتل مثله، كاللطمة الواحدة، والضربة الواحدة بالسوط، ولو كرر ذلك حتى صارت جملته مما يقتل؛ كان عمدًا وفيه القصاص.
وقال الكاساني: أما شبه العمد فثلاثة أنواع، بعضها متفق على كونه شبه عمد، وبعضها مختلف فيه.
أما المتفق عليه: فهو أن يقصد القتل بعصًا صغيرة أو بحجر صغير أو لطمة أو نحو ذلك مما لا يكون الغالب فيه الهلاك، كالسوط ونحوه إذا ضرب ضربةً أو ضربتين ولم يوال في الضربات.