للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المختلف فيه: فهو أن يضرب بالسوط الصغير ويوالي في الضربات إلى أن يموت، وهذا شبه عمد بلا خلاف بين أصحابنا، وعند الشافعي هو عمد، وإن قصد قتله بما يغلب فيه الهلاك مما ليس بجارح ولا طاعن، كمدقة القصارين, والحجر الكبير، والعصا الكبيرة، ونحوهما، فهو شبه عمد عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي: هو عمد.

قوله: "فقد ثبت بذلك". أي بما ذكرنا من وجه النظر والقياس قول أهل هذه المقالة وهم أهل المقالة الثانية، ومنهم: أبو يوسف ومحمد.

والذي يفهم من كلامه أن هذا هو مختاره أيضًا.

ولقائل أن يقول: وجه هذا النظر الذي ذكره إنما يرجع إليه عند تكافؤ الأخبار، كما ذكره بقوله: "فلما تكافأت واختلفت وجب النظر. . . ." إلى آخره.

وهاهنا ليس كذلك؛ لأن خبر حَمَل بن مالك بن النابغة الذي رواه ابن عباس مشتمل على تناقض وتعارض، وذلك لأن رواية أبي عاصم، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار تخبر أن رسول الله -عليه السلام- قضى بأن تقتل تلك المرأة القاتلة مكان تلك المرأة المقتولة، وكذلك جاء في رواية الحجاج، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، ورواية هشام بن سليمان، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار لم تخبر إلا قضاء رسول الله -عليه السلام- بالغرة في الجنين، وكذلك جاء في رواية سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار ولم يذكر في روايتهما عن عمرو بن دينار قتل المرأة، وروى سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح، عن حَمَل بن مالك قال: "كانت له امرأتان، فرجمت إحداهما الأخرى بحجر، فأصاب قلبها وهي حامل، فألقت جنينًا وماتت، فرفع ذلك إلى رسول الله -عليه السلام-، فقضى رسول الله -عليه السلام- بالدية على عاقلة القاتلة، وقضى في الجنين بغرة عبد أو أمة".

وهذا مرسل أخرجه البيهقي في "سننه" (١) معلقًا، فهذا كما رأيت أخبار مختلفة ومتضادة فسقطت، وبقي حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري ومسلم،


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٨/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>