للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ورجع إليه زفر بن الهذيل روينا ذلك من طريق أبي عبيد عن عبد الرحمن ابن مهدي عنه.

وقال أبو بكر الرازي: قال مالك والليث بن سعد: إن قتله غيلة قتُل به، وإلا لم يُقتل.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل يقتل به.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: إبراهيم النخعي وعامرًا الشعبي ومحمد بن أبي ليلى وعثمان البتي وأبا حنيفة وأبا يوسف -في رواية- ومحمدًا. فإنهم قالوا: يقتل المسلم بالكافر. وذكر أبو بكر الرازي قول زفر مع هؤلاء، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز.

ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن هذا الكلام الذي حكاه أبو جُحيفة في هذا الحديث عن علي - رضي الله عنه - لم يكن مفردًا, ولو كان مفردًا لاحتمل ما قالوا، ولكنه كان موصولًا بغيره.

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن ابن أبي عروبة، قال: ثنا قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عُبَاد قال: "انطلقت أنا والأشتر إلى علي - رضي الله عنه - فقلنا: هل عهد إليك رسول الله -عليه السلام- عهدًا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما كان في كتابي هذا، فأخرج كتابًا من قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على مَن سواهم، لا يُقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، ومَن أحدث حدثا فعلى نفسه، ومَن أحدث حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".

فهذا هو حديث علي - رضي الله عنه - بتمامه، والذي فيه مِن نفي قتل المؤمن بالكافر هو قوله: "لا يُقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده" فاستحال أن يكون معناه على ما حمله عليه أهل المقالة الأولى؛ لأنه لو كان معناه على ما ذكروا لكان ذلك لحنًا من رسول الله -عليه السلام-، ورسول الله -عليه السلام- أبعد الناس من ذلك، ولكان لا يقتل

<<  <  ج: ص:  >  >>