ولئن سلمنا صحة إسناد هذا، فالشافعي لا يقبل مرسل عطاء وطاوس ومجاهد والحسن وغيرهم، سوى مراسيل سعيد بن المسيب -رحمه الله-.
ص: حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال حين قُتل عمر - رضي الله عنه -: "مررت على أبي لؤلؤة ومعه الهرمزان، فلما بعثهم ثاروا، فسقط من بينهم خنجر له رأسان ومَمْسكة في وسطه فانظروا لعله الخنجر الذي قتل به عمر - رضي الله عنه -، فنظروا فإذا هو الخنجر الذي وصف عبد الرحمن، فانطلق عبيد الله بن عمر حين سمع ذلك من عبد الرحمن ومعه السيف حتى دعى الهرمزان، فلما خرج إليه قال: انطلق حتى ننظر إلى فرس لي، ثم تأخر عنه حتى إذا مضى بين يديه علاه بالسيف، فلما وجد مس السيف قال: لا إله إلا الله. قال عبيد الله: ودعوت جفينة -وكان نصرانيًّا من نصارى الحيرة- فلما خرج علوته بالسيف فصلب بين عينيه، ثم انطلق عبيد الله يقتل ابنة أبي لؤلؤة صغيرة تدعي الإِسلام، فلما استخلف عثمان - رضي الله عنه - دعى المهاجرين والأنصار فقال: أشيروا عليَّ في قتل هذا الرجل الذي فتق في الدين ما فتق، فأجمع المهاجرون فيه على كلمة واحدة يأمرونه بالشد عليه، ويحثون عثمان - رضي الله عنه - على قتله، وكان فوج الناس الأعظم مع عبيد الله يقولون لجفينة والهرمزان أبعدهما الله، فأكثر في ذلك الاختلاف، ثم قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين، إن هذا الأمر قد أغناك الله من أن تكون بعدما قد بويعت، فإنما كان ذلك قبل أن يكون لك على الناس سلطان، فأعرض عن عبيد الله، وتفرق الناس على خطبة عمرو بن العاص، وودي الرجلان والجارية".
ففي هذا الحديث أن عبيد الله قتل جفينة وهو مشرك، وضرب الهرمزان وهو كافر، ثم كان إسلامه بعد ذلك، فأشار المهاجرون على عثمان - رضي الله عنه - بقتل عبيد الله وعليٌّ - رضي الله عنه - فيهم فمحال أن يكون قول النبي -عليه السلام-: "لا يقتل مؤمن بكافر" يراد به