الثامن: فيه أن الواجب في القسامة الدية، وهذا باب اختلف فيه، فصح عن الحسن البصري أن لا يقاد بالقسامة، لكن يحلف المدعى عليهم بالله ما قتلنا، ويُبدءون، فإن نكلوا حلف المدعون وأخذوا الدية.
وصح عن شريح ترديد الأيمان، وأن القتيل إذا وجد في دار قوم فادعى أهله على غير تلك الدار فقد بطلت القسامة، ولا شيء لهم على أحد إلا ببينة.
وصح عن إبراهيم النخعي إبطال القود في القسامة لكن يبدأ المدعى عليهم فيحلفون خمسين يمينًا ثم يغرمون الدية مع ذلك، ورأى ترديد الأيمان.
قلت: مذهب أبي حنيفة وأصحابه أيضًا عدم وجوب القود، وروي عن عروة وأبي بكر بن حزم وأبان بن عثمان وجوب القود، فقالوا: إن ادعى المصاب على إنسان أنه قتله أو على جماعة فإن أولياء المدعى عليهم يبتدئون فيحلفون خمسين يمينًا، على واحد، ويردد عليهم الأيمان إلى أن يتموا خمسين، فإذا حلفوا دفع إليهم الواحد فقتلوه، وجلد الآخرون مائة مائة وسجنوا سنةً.
وصح عن سفيان الثوري أنه قال: إن وجد القتيل في دار قوم فالبينة على أولياء القتيل، فإن أتوا بها قضى لهم بالقود، وإلا حلف المدعى عليهم خمسين يمينًا، وغرموا الدية مع ذلك.
وقال مالك: لا تكون القسامة إلا بأن يقول المصاب: فلان قتلني عمدًا، فإذا قال ذلك ثم مات قبل أن يفيق حلف خمسون من أوليائه قيامًا في المسجد الجامع مستقبلي القبلة: لقد قتله فلان عمدًا، فإذا حلفوا على واحد فلهم القود منه، فإن حلفوا على جماعة لم يكن لهم القود إلا من واحد، ويضرب الباقون مائة مائة ويسجنون سنة.
فإن شهد شاهد عدل بأن فلان قتل فلانًا كانت القسامة أيضًا كما ذكرنا وكذلك إن شهد لوث من نساء أو غير عدول، فإن لم يكونوا خمسين ردت عليهم أيمانهم حتى تتم خمسين، ولا يحلف في القسامة أقل من اثنين ولا غرامة، قال: