رواية يحيى بن سعيد وقال: قال مسلم: رواية سعيد غلط، ويحيى بن سعيد أحفظ منه.
ثم قال البيهقي: وإن صحت رواية سعيد فهي لا تخالف رواية يحيى، لأنه قد يريد بالبينة الأيمان مع اللوث، كما في رواية يحيى، ثم يردها على المدعى عليهم عند نكول المدعين.
قلت: لا وجه لتشكيك البيهقي بقوله: "وإن صحت رواية سعيد" مع نفيه، وإخراج البخاري حديثه هذا، وأخرجه مسلم أيضًا ولم يشك في صحته، وإنما رجح يحيى على سعيد، وقد جاءت أحاديث تقوي رواية سعيد وتعضدها، منها:
ما رواه أبو داود (١) بسند حسن عن رافع بن خديج قال: "أصبح رجل من الأنصار مقتولًا بخيبر، فانطلق أولياؤه إلى النبي -عليه السلام- فذكروا ذلك له، فقال: ألكم شاهدان يشهدان على قاتل صاحبكم؟ فقالوا: يا رسول الله لم يكن به أحد من المسلمين، وإنما هم يهود وقد يجترئون على أعظم من هذا، قال: فاختار منهم خمسين، فاستحلفهم فأبوا، فوداه رسول الله -عليه السلام- من عنده".
ومنها: ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على ما يجيء عن قريب، وهذا هو الذي تشهد له الأصول من أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فكان الوجه ترجيح هذه الأدلة على ما يعارضها، وتأويل البيهقي لرواية سعيد تعسف ومخالفة للظاهر، وحين قالوا:"ما لنا بينة" عقّب -عليه السلام- ذلك بقوله:"فيحلفون لكم" فكيف يقول البيهقي: وقد يطالبهم بالبينة ثم يعرض عليهم الأيمان، ثم يردها على المدعى عليهم؟!
ص: وقال آخرون: بل يستحلف المدعى عليهم، فإذا حلفوا غرموا الدية.
ش: أي قال جماعة آخرون، وأراد بهم: عثمان البتي والحسن بن صالح وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن شبرمة وعامرًا الشعبي