للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكر بن حماد، ثنا مسدد، ثنا حماد بن زيد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "أيها الناس إن الرجم حق فلا تخدعن عنه، وإن آية ذلك أن رسول الله -عليه السلام- قد رجم، وأن أبا بكر قد رجم، وإنا قد رجمنا بعدهما، وسيكون قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم، ويكذبون بالدجال، ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها، ويكذبون بعذاب القبر، ويكذبون بالشفاعة، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا".

قال أبو عمر: الخوارج والمعتزلة يكذبون بهذا كله. نعوذ بالله من ذلك. انتهى.

قلت: لم يختلف السلف في حد الزَّانِيَيْن في أول الإسلام ما قال الله -عز وجل-: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ} (١) إلى قوله: {فَآذُوهُمَا}، فكان حد المرأة: الحبس والأذى بالتعيير، وكان حد الرجل: التعيير ثم نسخ ذلك عن غير المحصن بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (٢) ونسخ عن المحصن بالرجم؛ وذلك لأن في حديث عبادة: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا" بيانًا على أن المراد من السبيل هو ما ذكره من قوله: "البكر بالبكر. . . ." الحديث. ولم يكن بينهما حكم آخر؛ وذلك لأنه لو كان كذلك لكان السبيل المجعول لهن متقدمًا لقول النبي -عليه السلام-، وقد بيَّن -عليه السلام- بحديث عبادة أن المراد من السبيل هو ما ذكره دون غيره.

فإذا كان كذلك كان الأذى والحبس منسوخين عن غير المحصن بالآية، وعن المحصن بالسنة وهو الرجم، ثم جاء حديث أبي هريرة بعد حديث عبادة، فصار ناسخًا لما فيه من الجلد؛ إذ لو كان الجمع بينهما ثابتًا لاستعمله النبي -عليه السلام-


(١) سورة النساء، آية: [١٥ - ١٦].
(٢) سورة النور، آية: [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>