ولاسيما في قضية ماعز، وقد وردت قصة ماعز - رضي الله عنه - من جهات مختلفة، ولم يذكر في شيء منها الجلد مع الرجم.
فإن قيل: سلمنا أن حديث عبادة بعد نزول الآية فمن أين لنا التاريخ الذي يدل على أن حديث أبي هريرة ناسخ لحديثه؟
قلت: قد ثبت فيما مضى أنه لم يكن بين قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}(١) وبين حديث عبادة حكم آخر، وأن الآية المذكورة في سورة النور ونزولها كان في قصة الإفك، وقصة الإفك كانت قبل إسلام أبي هريرة - رضي الله عنه -، فبالضرورة يكون حديثه متأخرًا فيكون ناسخًا. والله أعلم.
قوله:"مما قد شد ذلك" أشار به إلى عدم جواز الجمع بين الجلد والرجم، وأراد بالنظر الصحيح: القياس وبيَّن وجهه بقوله: "وذلك أنا رأينا العقوبات. . . ." إلى آخره.
ولقائل أن يقول: السارق عليه القطع والضمان عندي، فلم يصح القياس فيه، فافهم.
ص: فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يكون ذلك منسوخًا، وقد عمل به علي - رضي الله عنه - بعد رسول الله -عليه السلام-؟
فذكر ما حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:"جاءت امرأة من همدان -يقال لها: شراحة- إلى علي - رضي الله عنه - فقالت: "إني زنيت، فردَّدها حتى شهدت على نفسها أربع شهادات، فأمر بها فجلدت، ثم أمر بها فرجمت".
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص. . . . فذكر بإسناده مثله.