للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: هذا جواب عما تمسك به هؤلاء القوم، وهو ظاهر.

فإن قيل: من أين هذا الاحتمال؟ قلت: الحديث الذي يأتي يدل على ذلك، وهو قول أبي موسى - رضي الله عنه -: "إن النبي - عليه السلام - مسح على جوربيه ونعليه" (١)، فهذا صريح، وذاك محتمل، فيحمل المحتمل على الصريح.

وجواب آخر: أن معنى ما ورد من المسح على النعلين: الغسل؛ لأن المسح قد يجيء بمعنى الغسل، وعن أبي زيد الأنصاري: المسح في كلام العرب يكون غسلا ويكون مسحا، ومنه يقال للرجل إذا توضأ فغسل أعضاءه: قد تمسح، ويقال: مسح الله ما بك. أي أذهبه عنك وطهرك من الذنوب.

وجواب آخر: أن الذي نقل عن النبي - عليه السلام - أنه غسل رجله جمُّ غفير وعدد كثير، والذي نقل عنه أنه مسح نعليه عدد قليل، والقضية واحدة، والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد اليسير، مع فضل من حفظ على من [لم] (٢) يحفظ.

وقد يقال: إن ذلك كان منه - عليه السلام - في الوضوء التطوع، لا في الوضوء من حدث؛ يؤيده ما أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٣): وترجم عليه: باب ذكر الدليل على أن مسح النبي - عليه السلام - على النعلين كان في وضوء تطوع، لا من حدث: عن سفيان، عن السدي، عن عبد خير، عن علي - رضي الله عنه -: "أنه دعا بكوز من ماء، ثم توضأ وضوءا خفيفا ومسح على نعليه، ثم قال: هكذا وضوء رسول الله - عليه السلام - للطاهر ما لم يحدث".

قال في "الإمام": وهذا الحديث أخرجه أحمد بن عبيد الصفار في "مسند" بزيادة لفظ، وفيه: "قال: هكذا فعل رسول الله - عليه السلام - ما لم يحدث".


(١) يأتي في نص الطحاوي التالي، وشرحه.
(٢) ليست في "الأصل، ك" والسياق يقتضيها.
(٣) "صحيح ابن خزيمة" (١/ ١٠٠ رقم ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>