للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث مقال. والحديث إذا رواه مجهول لم يكن حجة، ولم يجب الحكم به؟.

وقال المنذري: كأنه يشير إلى أن أبا المنذر مولى أبي ذر لم يرو عنه إلا إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة من رواية حماد بن سلمة عنه، وكذا قال عبد الحق في "أحكامه": أبو المنذر لم يرو عنه إلا إسحاق بن عبد الله.

قلت: حديث أبي هريرة مداره على الإرسال، وحديث ثعلبة ضعيف، فيكون حديث أبي أمية أصح من الحديثين، وهو أولى بالعمل؛ لما فيه من الزيادة والترجيح؛ فافهم.

ص: وقد يجوز أن يكون أحدها قد نسخ الآخر، فلما احتمل ذلك رجعنا إلى النظر، فوجدنا السنة قد قامت عن رسول الله -عليه السلام- في المقر بالزنا أنه رده أربع مرات، وأنه لم يرجمه بإقراره مرة واحدة، وأخرج ذلك من حكم الإقرار بحقوق الآدميين التي يقبل فيها إقراره مرة واحدة، وردَّ حكم الإقرار بذلك إلى حكم الشهادة عليه، فلما كانت الشهادة عليه غير مقبولة إلا من أربعة، فكذلك جعل الإقرار به لا يوجب الحد الا بإقراره أربع مرات، فثبت بذلك أن حكم الإقرار بالسرقة أيضًا كذلك يرد إلى حكم الشهادة عليها، فكما كانت الشهادة عليها لا تجوز إلا من اثنين، فكذلك الإقرار لا يقبل إلا مرتين، وقد رأيناهم جميعًا لما رووا عن رسول الله -عليه السلام- في المقر بالزنا لما هرب، فقال النبي -عليه السلام-: "لولا خليتم سبيله" فكان ذلك عندهم على أن رجوعه مقبول، واستعملوا ذلك في سائر حدود الله -عز وجل-، فجعلوا مَن أقرَّ بها ثم رجع قُبِلَ رجوعه، ولم يخصوا الزنا بذلك دون سائر حدود الله -عز وجل-، فكذلك لما جعل الإقرار في الزنا لا يقبل إلا بعدد ما يقبل عليه من البينة؛ ثبت أنه لا يقبل الإقرار بسائر حدود الله -عز وجل- إلا بعدد ما يقبل عليها من البينة.

ش: أي قد يجوز أن يكون أحد الحديثين قد نسخ الحديث الآخر، بأن يكون هذا الحديث الذي لم يقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه بإقراره مرة واحدة، ناسخًا لذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>