للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبا جهل وأبا لهب وفرعون ولابد، ويرضى عن الملائكة والرسل والأنبياء والصالحين ولابد، وكلهم في المشيئة لا يخرج شيء من ذلك عن مشيئة الله تعالى، مَن عاقب فقد شاء أن يعاقبه، ومَن أدخله الجنة فقد شاء أن يدخله الجنة.

قلت: هذا كلام مدخول كله.

أما الأول: فلأنه صادر عن عناد؛ لأنه لم ينقل عن أحد أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحرين جميعًا.

وهذا معلوم بالمشاهدة والعيان فلا يحتاج في ذلك إلى إقامة البرهان.

وأما الثاني: فلأنه يخالف أقوال الجمهور من أئمة التفسير؛ فإنهم قالوا: لا يجوز كون الرسل إلا من الملائكة إلى الملائكة أو إلى الأنبياء -عليهم السلام-، أو من البشر إلى البشر أو إلى البشر والجن؛ قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} (١)، وقال تعالى في صفة الرسل: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} (٢). والجن لا يأكلون الطعام (٣) فلا يكون منهم رسول.

فالذي ذهب إليه هذا المعترض هو منقول عن مقاتل، وهو مخالف لأقوال أئمة التفسير، وقول ابن عباس أيضًا فإن قوله مثل قول الجمهور.

وأما الثالث: فلأنه كلام يُبنى على رأي الفلاسفة يظهر ذلك بالتأمل، ولا يخفى على مَن له يد في علم الكلام.


(١) سورة الحج، آية: [٧٥].
(٢) سورة الأنبياء، آية: [٨].
(٣) يعكر على هذا الاستدلال قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العظم والروث: "هو طعام إخوانكم من الجن". كما عند البخاري في "صحيحه" (٣/ ١٤٠١ رقم ٣٦٤٧) من حديث أبي هريرة. ومسلم في "صحيحه" (١/ ٣٣٢ رقم ٤٥٠) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>