للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرائض كالأخ والعم؛ فالأخ أولى لأنه أقرب إلى الميت، وكالعم وابن العم؛ فالعم أولى لأنه أقرب من ابن العم.

وقال الخطابي: ومعنى أولى: أقرب من الوَلي وهو القرب، ولو كان معنى قوله: أولى بمعنى أحق لبقي الكلام منهما لا يستفاد منه بيان الحكم؛ إذ كان لا يدرى من الأحق ممن ليس بأحق فعلم أن معناه: قرب النسب.

واستفيد من هذا الحديث أحكام:

الأول: أن أصحاب الفرائض يقدمون على العَصَبَات وإن كانت العصوبة أقوى سببًا وذلك لأن المراد من قوله: فلأولى رجل ذكر: هو العصبة، والدليل عليه ما جاء في بعض الروايات: "فلأولى عصبة ذكر".

فإن قلت: ما فائدة توصيف الرجل بِذَكَر، وكذلك قوله: عصبة ذكر، والرجل لا يطلق إلا على الذكور؟

قلت: لأن الرجل ذكر من بني آدم جاوز حد الصغر، فوصفه بالذكورة ليدخل غير البالغين؛ لأن صفة الذكورة أعم من صفة الرجلية.

فإن قلت: إذا حلف لا يكلم رجلًا فكلم صبيًّا يحنث؟

قلت: مبنى اليمين على العرف.

فإن قلت: ما تقول في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} (١) فإن اسم الرجل يصدق هاهنا على الصبي؟.

قلت: يجوز أن يطلق الرجل ويراد به الذكر ليعم الصبي والبالغ، أو تقول: إن التوصيف بالذكورة يكون من قبيل قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (٢) وقوله: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} (٣) فافهم.


(١) سورة النساء، آية: [١٢].
(٢) سورة البقرة، آية: [١٩٦].
(٣) سورة الأنعام، آية: [٣٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>