للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أن النبي -عليه السلام- قد نهى عن بيع ما ليس عندك، فكان الاستئجار بذلك غير جائز، إذ كان الابتياع به غير جائز، فكذلك كما كان الابتياع بما لم يكن غير جائز كان الاستئجار به أيضًا غير جائز.

ش: أي احتج محتج من أهل المقالة الأولى في فساد المزارعة بجزء مما يخرج منها، وقال: قد عارض هذه الأحاديث المروية عن ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - ما روي من الأحاديث التي فيها النهي عن بيع الثمار قبل أن تكون، وقد مرت في باب: "بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها"، فإذا نهي عن شراء الثمار قبل كونها، دخل في ذلك الاستئجار أيضًا؛ لأنه بيع أيضًا؛ لأنه بيع المنافع، فإذا بطل بيع الأعيان بطل بيع المنافع أيضًا؛ قياسًا عليه.

ص: قيل له: إنه لو لم تُروَ هذه الآثار التي ذكرنا في إجازة المزارعة بالثلث والربع كان الأمر كذلك ما ذكرت، ولكن لما روي عن النبي -عليه السلام- إباحتها، وعمل بها المسلمون بعده؛ احتمل أن لا يكون الاستئجار بما لم يكن داخلًا في الابتياع بما لم يكن، ويكون مستثنى من ذلك، ولئن لم يبين في الحديث، كما قد أبيح السلم ولم يحرمه النهي عن بيع ما ليس عندك، وإنما وقع النهي في ذلك على بيع ما ليس عندك غير السلم، فكذلك يحتمل أن يكون النهي عن بيع الثمار قبل أن تكون ذلك، على ما سوى المزارعة بها والمساقاة.

ش: أي قيل لهذا المحتج "أنه"، أي أن البيان، وأراد به الجواب عما قاله هذا المحتج، وهو ظاهر.

ص: وقد عمل بالمزارعة والمساقاة أصحاب رسول الله -عليه السلام- من بعده.

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر، قال: سمعت أبي يذكر عن موسى بن طلحة، قال: "أقطع عثمان - رضي الله عنه - نفرًا من أصحاب النبي -عليه السلام-: عبد الله بن مسعود، والزبير بن العوام، وسعد بن مالك، وأسامة - رضي الله عنهم -؛ فكان جَارَيَّ منهم سعد بن مالك وابن مسعود يدفعان أرضيهما بالثلث والربع".

<<  <  ج: ص:  >  >>