للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن إسحاق وسعيد بن سلمة، عن صالح، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله -عليه السلام-: "الأيم أحق بنفسها من وليها، واليتيمة تستأذن في نفسها، وإذنها السكوت".

وقال الدارقطني في "سننه" (١): صالح لم يسمعه من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه، اتفق على ذلك ابن إسحاق وسعيد بن سلمة، عن صالح.

قلت: سماع صالح بن كيسان عن نافع بن جبير صحيح، ذكره صاحب "الكمال" وغيره، ومعمر بن راشد ثقة جليل حتى قيل: إنه أثبت في الزهري من ابن عيينة، فلا يستدل عل خطئه برواية من هو دونه.

ثم اعلم أن قوله -عليه السلام-: "البكر تستأمر" صريح في أن الأب لا يجبر البكر البالغة، ويدل عليه أيضًا حديث جرير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، المذكور فيما مضى.

وترك الشافعي منطوق هذه الأدلة واستدل بمفهوم حديث الثيب أحق بنفسها، وقال: هذا يدل على أن البكر بخلافها، وقال ابن رشد: العموم أولى من المفهوم بلا خلاف؛ لاسيما وفي حديث مسلم: "البكر يستأمرها أبوها" وهو نص في موضع الخلاف.

وقال ابن حزم (٢): لا نعلم لمن أجاز على البكر البالغة إنكاح أبيها لها بغير رضاها متعلقًا أصلًا.

وذهب ابن جرير الطبري أيضًا إلى أن البكر البالغة لا تجبر، وأجاب عن حديث: "الأيم أحق بنفسها" بأن الأيم من لا زوج لها، رجلًا كان أو امرأة، بكرًا أو ثيبًا، لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (٣) وكرر ذكر البكر


(١) "سنن الدارقطني" (٣/ ٢٣٩ رقم ٦٦).
(٢) "المحلى" (٩/ ٤٦١).
(٣) سورة النور، آية: [٣٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>