الأول: اختلاف لفظ العِقْد والقلادة، ففي رواية البخاري:"انقطع عقد لي" وكذا في رواية عمار: "فهلك عقد لعائشة"، وهي الرواية التي أخرجها الطحاوي وأبو داود، وكذا في بعض ألفاظ الصحيح:"أنه ضاع عقدها في غزوة المريسيع" وفي رواية أخرى للبخاري ومسلم: "استعارت من أسماء قلادة"، وفي رواية الطحاوي ها هنا:"وكانت عليّ قلادة"، وهذه كما ترى متضادة.
وأجيب بأن القصة واحدة وإنما الرواة تخالف بين العبارات، والقلادة كانت لأسماء، واستعارتها (١) منها عائشة فأضفتها إلى نفسها بقولها: "انقطع عقد لي" قاله ابن الجوزي.
قلت: والأحسن أن يقال: إن سقوط العقد كان مرتين على ما صرح به الطحاوي في روايته التي ذكرناها في هذا الباب، فكانت قضيتان، فعبرت في الأولى بالعقد، وفي الثانية بالقلادة، وكان أمر العقد في قضية الإفك، وأمر القلادة في قضية التيمم، تشهد عليه بذلك رواية الطبراني.
فإن قلت: إذا كان أمر القلادة في قضية التيمم، فكيف عبرت عائشة - رضي الله عنها - بالعقد في قضية التيمم في رواية البخاري وغيره؟
قلت: أطلقت على القلادة عقدا، فتارة عبرت بالعقد، وتارة بالقلادة.
الثاني: أن بين قولها "فبعث رسول الله - عليه السلام - رجلا" فوجدها، وبين قوله "فبعثنا البعير فأصبنا العقد تحته"، تناقض حتى قال الداودي: هذا مما لا شك في تضاده، ولا أرى الوهم في ذلك إلَّا في رواية عبد الله بن نمير عن هشام:"فبعث رجلا فوجدها" قال: وحمل إسماعيل بن إسحاق على رواية ابن نمير وجعله تناقضا لحديث مالك.